للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي كَيْفيَّة الِاسْتِدْلَال بِالْخِطَابِ مَعَ الْقَرَائِن المكملة لظاهره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اعْلَم أَن هَذِه الْقَرَائِن مِنْهَا مَا ترجع إِلَى حَال الْمُخَاطب وَمِنْهَا مَا لَا ترجع إِلَى حَاله فَالْأول كاستدلالنا بِكَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبكونه منتصبا لتعليم الشَّرْع على انه عَنى بخطابه حكما شَرْعِيًّا وَهَذَا إِذا كَانَ خطابه مترددا بَين حكم شَرْعِي وعقلي لِأَنَّهُ منتصب لتعليم الشَّرْع فَأَما إِذا كَانَ ظَاهر خطابه يُفِيد حكما عقليا ومجازه يُفِيد الشَّرْعِيّ فَالْوَاجِب حمله على ظَاهره لأَنا إِنَّمَا نرجح حمله على الشَّرْعِيّ بِكَوْن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منتصبا لتعليم الشَّرْع وَذَلِكَ إِنَّمَا يتم مَعَ تردد خطابه بَين الشَّرْعِيّ والعقلي على سَوَاء فَأَما إِذا كَانَ ظَاهره مَعَ احدهما فَلَا تَرْجِيح وَكَذَلِكَ إِذا تردد خطابه بَين تَعْلِيم اسْم لغَوِيّ وشرعي فَإِنَّهُ يجب حمله على تَعْلِيم الِاسْم الشَّرْعِيّ لِأَن اللّغَوِيّ يعرف من دونه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَاعْلَم أَن كل خطاب فَإِنَّهُ لَا بُد فِي الِاسْتِدْلَال بِهِ من اعْتِبَار حَال الْمُتَكَلّم بِهِ أَلا ترى أَنا نعتبر حكمته وَإِنَّمَا أردنَا الْأَحْوَال الَّتِي لَهَا نعدل بِالْخِطَابِ من معنى إِلَى معنى مَعَ كَونه مترددا بَينهمَا

وَأما الْقَرِينَة الَّتِي لَيست بِحَال الْمُتَكَلّم فضربان أَحدهمَا أَن تكون الْقَرِينَة خطابا آخر وَالْآخر أَن تكون الْقَرِينَة تعلقا بَين مَا تنَاوله الْخطاب وَبَين مَا لم يتَنَاوَلهُ

أما الضَّرْب الأول فأشياء

مِنْهَا أَن يكون أحد الخطابين يدل على أَن الشَّيْء صفة وَالْآخر يدل على اخْتِصَاص تِلْكَ الصّفة بِحكم من الْأَحْكَام فنعلم أَن ذَلِك الشَّيْء يخْتَص بذلك الحكم وَذَلِكَ مثل قَوْله سُبْحَانَهُ {إِنَّا نَحن نزلنَا الذّكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون} وَذَلِكَ يدل على أَن الْقُرْآن ذكر وَقَوله تَعَالَى {مَا يَأْتِيهم من ذكر من رَبهم مُحدث إِلَّا استمعوه وهم يَلْعَبُونَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>