وَذكر فِي الدَّرْس أَن قيام الدّلَالَة على أَن أَحدهمَا مُرَاد لَا يمْنَع من كَون الآخر مرَادا فان دلّت الدّلَالَة على أَن لَيْسَ وَاحِد مِنْهُمَا مرَادا كَانَ القَوْل فِيهِ كالقول فِيمَا لَا يحْتَمل إِلَّا حَقِيقَة وَاحِدَة إِذا دلّت الدّلَالَة على أَنه لَيْسَ بِمُرَاد ظَاهره وَكَذَلِكَ إِذا دلّت الدّلَالَة على أَن المُرَاد غَيرهَا وَلم تعينه أَو دلّت على أَن المُرَاد كلا الحقيقتين وَغَيرهمَا فَلم تعين ذَلِك الْغَيْر أَو عينته
وَالْقَوْل فِي الْخطاب الْعرفِيّ والشرعي كالقول فِيمَا ذَكرْنَاهُ من الْقِسْمَة فِيمَا يتجرد وَلَا يتجرد وَأكْثر هَذِه الْأَقْسَام إِنَّمَا تتفرع على قَول من قَالَ إِنَّه يُرَاد بِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَة الْحَقِيقَة وَالْمجَاز والحقيقتان فَأَما من أَبى ذَلِك فانه يَقُول إِن كَانَ الْخطاب لَا يحْتَمل وَكَانَ خَاصّا ودلت الدّلَالَة على أَن المُرَاد لَيْسَ ظَاهره أَو هُوَ غير ظَاهره وَكَانَ لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي وَجه وَاحِد من وُجُوه الْمجَاز فانه يحمل عَلَيْهِ وَيخرج الْحَقِيقَة من أَن تكون مُرَادة وَإِن كَانَ يسْتَعْمل فِي أَكثر من وَجه وَاحِد من وُجُوه الْمجَاز وَجب أَن يكون المُرَاد وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَا بُد من أَن تدل دلَالَة عَلَيْهِ بِعَيْنِه وَكَذَلِكَ إِن كَانَ اللَّفْظ عَاما ودلت الدّلَالَة على أَن المُرَاد لَيْسَ شَيْئا مِمَّا تنَاوله اللَّفْظ فانه لَا بُد من أَن تدل عَلَيْهِ بِعَيْنِه وَلَا يجوز أَن تدل دلَالَة على أَن المُرَاد هُوَ ظَاهره وَغير ظَاهره لِأَن الْكَلِمَة الْوَاحِدَة لَا يُرَاد بهَا الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وَإِن كَانَت اللَّفْظَة مُحْتَملَة لحقيقتين فَلَا بُد من أَن يُرَاد إِحْدَاهمَا أَو وَاحِدَة مِمَّا هِيَ مجَاز فِيهِ وَأي ذَلِك أُرِيد فَلَا بُد فِيهِ من دلَالَة وَإِن دلّت الدّلَالَة على أَنَّهُمَا قد أريدا أَو أَحدهمَا معما هِيَ مجَاز فِيهِ وَجب أَن يكون الْمُتَكَلّم قد تكلم بهَا مرَّتَيْنِ أَو يكون الِاسْم قد وضع لَهما فِي الشَّرْع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي أَن ثُبُوت حكم الْخطاب فِيمَا تنَاوله على وَجه الْمجَاز لَا يدل على أَنه قد أُرِيد الْمجَاز بِالْخِطَابِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اخْتلف النَّاس فِي ذَلِك فَقَالَ الشَّيْخ أَبُو عبد الله وَحَكَاهُ عَن أبي الْحسن إِنَّه يحكم بذلك قَالَاه فِي قَول الله تَعَالَى {أَو لامستم النِّسَاء فَلم تَجدوا مَاء}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute