للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِن قيام الدّلَالَة على وجوب التَّيَمُّم على المجامع وَهُوَ الَّذِي يتَنَاوَلهُ اسْم الْمُلَامسَة على طَرِيق الْكِنَايَة يدل على أَنه مُرَاد بِالْآيَةِ وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو عبد الله إِن الْخطاب إِذا علق على حكم من الْأَحْكَام على صفة من الصِّفَات وَدلّ الدَّلِيل على ثُبُوت ذَلِك الحكم مَعَ فقد تِلْكَ الصّفة فانه يعلم بذلك أَنه مُرَاد بِالْخِطَابِ نَحْو قَول الله تَعَالَى {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا جَزَاء بِمَا كسبا نكالا من الله} فَلَمَّا أجمع الْمُسلمُونَ على أَن السَّارِق إِذا تَابَ يقطع لَا على جِهَة النكال علمنَا أَنه مُرَاد بِالْآيَةِ وَعند قَاضِي الْقُضَاة أَنه لَا يعلم ذَلِك فِي كلا المثالين إِلَّا بِدَلِيل زَائِد وَدَلِيله هُوَ أَن الْخطاب وَاجِب حمله على ظَاهره دون مجازه إِلَّا بِدلَالَة وَلَيْسَ فِي ثُبُوت حكم الْخطاب فِي مجازه دلَالَة على أَنه قد أُرِيد ذَلِك الْمجَاز بذلك الْخطاب لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون قد أَرَادَ ذَلِك بِدَلِيل آخر

فان قَالُوا إِنَّا علمنَا ذَلِك لِأَن الْأمة إِذا أَجمعت على ثُبُوت حكم الْآيَة فِي الْمجَاز وَكَانَت لَا تجمع إِلَّا عَن دلَالَة وَلم يكن فِي الشَّرْع مَا يجوز أَن يدل على ذَلِك الحكم إِلَّا ذَلِك الْخطاب علمنَا أَنَّهَا مَا أَجمعت على ذَلِك إِلَّا بِالْآيَةِ وَإِلَّا كَانَت قد أَجمعت لغير دلَالَة قيل هَذَا حجَّة عَلَيْكُم لِأَن الْخطاب لَا يكون حجَّة فِيمَا هُوَ مجَاز فِيهِ إِذا تجرد فَلَو أَجمعُوا على ثُبُوت الحكم فِي الْمجَاز لأجل الْخطاب لكانوا قد أَجمعُوا لَا لدلَالَة فان قَالُوا الْمجَاز يدل على مَا هُوَ مجَاز فِيهِ مَعَ الْقَرِينَة فاذا أَجمعُوا على الحكم لأجل دلَالَة الْخطاب مَعَ الْقَرِينَة كَانُوا قد أَجمعُوا على الحكم لدلَالَة قيل فَإِذن لَا بُد لكم من إِثْبَات أَمر زَائِد على الْخطاب ليَصِح الْإِجْمَاع على ثُبُوت الحكم فِي الْمجَاز فلستم بِأَن تَقولُوا بِأَن ذَلِك الْأَمر الزَّائِد هُوَ قرينَة اقترنت بِالْخِطَابِ بِأولى من أَن تَقولُوا بل هُوَ دلَالَة مُبتَدأَة على الحكم فان قَالُوا لَو أَجمعُوا لدلَالَة مُبتَدأَة لنقلوها قيل

<<  <  ج: ص:  >  >>