لم تَنْتَشِر فان كَانَت قد انتشرت كعصرنا هَذَا فَالْوَاجِب أَن يقْضِي بِعُمُوم الْخطاب وَثُبُوت حكمه لِأَن السّنَن قد ظَهرت ظهورا لَا تخفي مَعَه على من التمسها وَإِن لم تكن السّنَن قد انتشرت فانه لَا يجوز أَن يقْضى بِعُمُوم الْخطاب لِأَنَّهُ لَا يَأْمَن أَن يكون فِي الشَّرْع مَا يَخُصُّهُ لكنه لَا يجب فِي الْحِكْمَة ان يُمكن مِنْهُ وَلَا اتّفق بانتشار الشَّرِيعَة أَن يتَمَكَّن مِنْهُ
وَذكر قَاضِي الْقُضَاة أَنه إِذا لم يجز لَهُ الْقطع على بَقَاء حكمه وَلَا عُمُومه لم يجز أَن يَجعله اصلا يقيس عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَثِق بِثُبُوتِهِ وَهَذَا لَا يتم لِأَن من كَانَ من أهل الِاجْتِهَاد ففرضه فهم الْخطاب لأجل غَيره إِمَّا فرضا معينا أَو على طَرِيق الْكِفَايَة فَيجب إِذا أمكن من فهم الْخطاب فاذا لم يجد دَلِيلا نَاسِخا أَو مُخَصّصا وَجب أَن يقْضِي بِظَاهِرِهِ ويقيس عَلَيْهِ وَالْوَاجِب أَن يُقَال إِن من كَانَ أهل الِاجْتِهَاد إِذا لم يجد مَا يعدل بالحكم عَن ظَاهره فَالْوَاجِب أَن يحمل على ظَاهره فِي تِلْكَ الْحَال لِأَنَّهُ قد كلف الِاسْتِدْلَال بِهِ إِمَّا ليفتي غَيره أَو ليفتي نَفسه ويفتي غَيره وَلَا يجوز أَن لَا يَجْعَل لَهُ طَرِيقا إِلَى مَا كلف سَوَاء انتشرت السّنَن أَو لم تَنْتَشِر إِلَّا أَنه إِن لم تَنْتَشِر السّنَن قطع الْمُكَلف أَن فَرْضه فِي الْحَال وَفرض من يستفتيه الْعَمَل بِظَاهِر ذَلِك الْخطاب وَجوز أَن يكون فِي السّنَن مَا يعدل بِالْخِطَابِ عَن ظَاهره إِذا بلغه تِلْكَ السّنة يُغير فَرْضه وَلِهَذَا يجب أَن يكون من عاصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّن غَابَ عَنهُ يجوز أَن يكون مَا يلْزمه من الْعِبَادَات قد نسخه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن لم يبلغهُ النّسخ بعد وَأَنه إِذا بلغه النّسخ بِغَيْر فَرْضه وَيعْتَبر فرض قِيَاسه عَلَيْهِ فَأَما من لم يكن من أهل الِاجْتِهَاد فَلَا يجوز أَن يقْضِي بِظَاهِر الْخطاب إِذا سَمعه فِي كل هَذِه الْأَحْوَال لِأَنَّهُ لَا يَأْمَن أَن يكون فِي الْأَدِلَّة مَا يعدل بِالْخِطَابِ عَن ظَاهره وَلَا يجب فِي الْحِكْمَة أَن يبلغهُ وَلَا بُد مَعَ انتشار السّنَن أَن يبلغهُ