للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْتَدلّ لعِلَّة حكم الأَصْل فانه لَا يتَوَصَّل إِلَيْهِ إِلَّا اسْتِدْلَالا بالأمارات وَيجب أَن يعلم أَن الْغَرَض أَن يَظُنهَا عِلّة لِأَن يعلمهَا حَتَّى يطْلب الْعلم وَلَا يُدْرِكهُ

وَأما الِاسْتِدْلَال الَّذِي لَيْسَ بِقِيَاس فانه إِن كَانَ اسْتِدْلَالا بعلة وأمارة فَلَا بُد من الِاسْتِدْلَال عَلَيْهَا وَإِن كَانَ اسْتِدْلَالا بِشَهَادَة الْأُصُول من غير اعْتِبَار عِلّة وَصَحَّ ذَلِك فانه يفْتَقر فِيهِ إِلَى مثل مَا ذَكرْنَاهُ فِي الْقيَاس إِلَّا الِاسْتِدْلَال على الْعلَّة

فاذا اخْتصَّ الْإِنْسَان بِمَا ذَكرْنَاهُ جَازَ لَهُ أَن يجْتَهد فِي الْمسَائِل فيفتي نَفسه وَغَيره وَيحكم على غَيره وَيجوز أَن يجْتَهد فِي مَسْأَلَة من الْفَرَائِض إِذا كَانَ عَالما بالفرائض وَإِن لم يعلم مَا عداهُ من ابواب الْفِقْه لِأَن الظَّاهِر من أَحْكَام الْفَرَائِض أَنَّهَا لَا تستنبط من غَيرهَا إِلَّا نَادرا والذهاب عَن النَّادِر لَا يقْدَح فِي الِاجْتِهَاد أَلا ترى أَن الْمُجْتَهد قد يخفي عَلَيْهِ من النُّصُوص الْيَسِير وَلَا يقْدَح ذَلِك فِي كَونه من أهل الِاجْتِهَاد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي كَيْفيَّة فَتْوَى الْمُفْتِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اعْلَم أَنه لَا يجوز للمفتي أَن يُفْتِي بالحكاية عَن غَيره بل إِنَّمَا يُفْتِي بِاجْتِهَادِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يسْأَل عَمَّا عِنْده وَلَا يسْأَل عَن قَول غَيره وَإِن سُئِلَ أَن يَحْكِي قَول غَيره جَازَ لَهُ حكايته وَلَو جَازَ أَن يُفْتِي بالحكاية جَازَ للعامي أَن يُفْتِي بِمَا يجده فِي كتب الْفُقَهَاء وَمَتى لم يتَقَدَّم من الْمُفْتِي اجْتِهَاد فِي الْمَسْأَلَة وَجب عَلَيْهِ الِاجْتِهَاد فِيهَا قبل الْفَتْوَى فان تقدم مِنْهُ اجْتِهَاد وَقَول فِي الْمَسْأَلَة وَكَانَ ذَاكِرًا لذَلِك القَوْل وَطَرِيقَة الِاجْتِهَاد لم يجب عَلَيْهِ تَجْدِيد الِاجْتِهَاد لِأَنَّهُ كالمجتهد فِي الْحَال وَإِن لم يذكر طَريقَة الِاجْتِهَاد فَهُوَ فِي حكم من لَا اجْتِهَاد لَهُ فَالْوَاجِب عَلَيْهِ تَجْدِيد الِاجْتِهَاد

<<  <  ج: ص:  >  >>