للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذا لم يجز لَهُ أَن يُفْتِي وَيُؤْخَذ بفتواه فأحرى أَن لَا يجوز أَن يَأْخُذ الْإِنْسَان بفتوى من مَاتَ لِأَنَّهُ لَا يدْرِي أَنه لَو كَانَ حَيا لَكَانَ ذَاكِرًا لطريقة الِاجْتِهَاد وراضيا بذلك القَوْل وَيُمكن أَن يُقَال إِن الظَّاهِر من ذَلِك القَوْل أَنه قَول ذَلِك الْفَقِيه إِلَى أَن مَاتَ وَمَوته قد أَزَال عَنهُ التَّكْلِيف وَلَا يُمكن أَن يُقَال إِنَّه يلْزمه إِعَادَة اجْتِهَاده فاذا أفتى الْمُجْتَهد بِاجْتِهَادِهِ ثمَّ تغير اجْتِهَاده لم يلْزم تَعْرِيف المستفتي تغير اجْتِهَاده إِذا كَانَ قد عمل بِهِ وَإِن لم يكن قد عمل بِهِ فَيَنْبَغِي أَن يعرفهُ إِن تمكن مِنْهُ لِأَن الْعَاميّ إِنَّمَا يعْمل بِهِ لِأَنَّهُ قَول الْمُفْتِي وَمَعْلُوم أَنه لَيْسَ هُوَ قَوْله فِي تِلْكَ الْحَال وَإِذا أفتاه بقول مجمع عَلَيْهِ لم يخيره فِي الْقبُول مِنْهُ وَإِن كَانَ مُخْتَلفا فِيهِ خَيره بَين أَن يقبل مِنْهُ وَمن غَيره لَا شُبْهَة فِي ذَلِك على قَول من قَالَ كل مُجْتَهد مُصِيب وعَلى قَول من قَالَ إِن الْحق فِي وَاحِد أَيْضا هَكَذَا يَجِيء لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَن يجب عَلَيْهِ الْأَخْذ بقول أحد المفتيين بِغَيْر حجَّة أولى من الآخر فان كَانَ هَذَا التَّخْيِير مَعْلُوما من قصد الْمُفْتِي لم يجب عَلَيْهِ أَن يخيره لفظا بل يذكر قَوْله فَقَط وَلَيْسَ كَذَلِك الحكم لِأَن الْحَاكِم وضع لرفع الْخُصُومَات فَلَو كَانَ الْخصم مُخَيّرا بَين الدُّخُول تَحت حكمه وَترك الدُّخُول لم تَنْقَطِع الْخُصُومَة وَإِذا اعتدل الْقَوْلَانِ عِنْد الْمُفْتِي فقد ذكر قَاضِي الْقُضَاة فِي الشَّرْح أَن لَهُ أَن يُفْتِي بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَقَالَ أَيْضا لَهُ أَن يُخَيّر المستفتي بَين الْقَوْلَيْنِ وَالْوَجْه أَن يُقَال يَنْبَغِي أَن يُخَيّر المستفتي أَنه إِنَّمَا يفتيه بِمَا يرَاهُ وَالَّذِي يرَاهُ هُوَ التَّخْيِير على قَول من قَالَ بالتخيير فِي الْأَحْكَام وَوجه القَوْل الآخر هُوَ أَنه كَمَا يجوز أَن يعْمل الْمُفْتِي باي الْقَوْلَيْنِ شَاءَ كَذَلِك يجوز لَهُ أَن يُفْتِي بِأَيِّهِمَا شَاءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي جَوَاز استفتاء الْعَاميّ للْعُلَمَاء فِي فروع الشَّرِيعَة وتقليده إيَّاهُم فِيهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

منع قوم من شُيُوخنَا البغداديين من تَقْلِيد الْعَاميّ للْعَالم فِي فروع الشَّرِيعَة وَقَالُوا لَا يجوز أَن يَأْخُذ بقوله إِلَّا بعد أَن يبين لَهُ حجَّته وَأَجَازَ تَقْلِيده إِيَّاه

<<  <  ج: ص:  >  >>