للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوب الصَّلَاة عَلَيْهَا علم وإخبارها عَن ذَلِك صدق وَكَذَلِكَ القَوْل فِي المقلدين إِذا اخْتَار أَحدهمَا تَقْلِيد مُثبت الْوُجُوب وَاخْتَارَ الآخر تَقْلِيد نافي الْوُجُوب

فان قيل إِنَّا لَا نمْنَع أَن يجب الضدان على شَخْصَيْنِ وعَلى شخص وَاحِد وعَلى شرطين وَلَكِن لَيْسَ يحصل هَذَانِ الشرطان فِي الِاجْتِهَاد لِأَن الْمُجْتَهد إِنَّمَا يجوز لَهُ الْعَمَل على اجْتِهَاده إِذا استقصى الِاجْتِهَاد فِي الأمارات وَمَتى استقصاها وَكَانَت الأمارات متكافئة فانه يقف على ذَلِك وَيكون فَرْضه التَّخْيِير وَإِن كَانَ فِيهَا مَا هُوَ أقوى من غَيره فانه يقف على ذَلِك وَيلْزمهُ الْعَمَل عَلَيْهِ فَقَط وَلَا يجوز أَن لَا يقف عَلَيْهِ إِلَّا إِذا قصر فِي الِاجْتِهَاد وَمَتى قصر فِيهِ لم يجز لَهُ الْعَمَل عَلَيْهِ وَلَيْسَ يجوز أَن يمْنَع بطء فهم بعض الْمُجْتَهدين من الْوُصُول إِلَى أقوى الأمارات لِأَن الْإِنْسَان لَا يجوز أَن يكون من أهل الِاجْتِهَاد إِلَّا وَهُوَ من ذَوي الْفَهم وَيكون عَارِفًا بِوُجُوه التَّرْجِيح وطرق الِاجْتِهَاد وَإِن جَازَ أَن ينْحَصر فهم غَيره وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَن يكون ظفره بِالْحَقِّ ابطأ من ظفر غَيره وَلَا يَقْتَضِي امْتنَاع وُصُوله إِلَيْهِ وَلَو جَازَ أَن يُقَال إِن من الْمُجْتَهدين من يمْتَنع عَلَيْهِ مَا ذكرنَا جَازَ أَن يُقَال إِن من المستدلين بالأدلة من يمْتَنع عَلَيْهِ الْوُصُول إِلَى الْحق مَعَ كَونه مُكَلّفا لَهُ غزير الْعلم الْجَواب أَنه لَا يمْتَنع أَن تكون الْمصلحَة لبَعض الْمُكَلّفين الْعَمَل على اقوى الأمارات ومصلحة الآخرين الْعَمَل على الأمارة الَّتِي هِيَ دونهَا فِي الْقُوَّة كَمَا لَا يمْتَنع أَن تكون مصلحَة بَعضهم الْعَمَل على النَّص وَالْعلم ومصلحة الْبَعْض الآخر الْعَمَل على الظَّن والأمارة وَإِذا جَازَ ذَلِك أخطر الله سُبْحَانَهُ مَا بِهِ تقوى الأمارة الَّتِي هِيَ أقوى على قلب من مصْلحَته الْعَمَل على اقوى الأمارات وأخطر الأمارة الأضعف على قلب من مصْلحَته الْعَمَل عَلَيْهَا وَلم يخْطر بِبَالِهِ مَا يُقَوي بِهِ الأمارة الْأُخْرَى بل يشْغلهُ عَن ذَلِك أَو عَن فهمه وَلَا يلْزم مثل ذَلِك فِي الْأَدِلَّة والشبه لِأَن الله تَعَالَى لَو أخطر ببال الْمُكَلف الشُّبْهَة وشغله عَن الْجَواب عَنْهَا كَانَ قد أغراه بِالْجَهْلِ وأباحه لَهُ وَذَلِكَ قَبِيح وَلَيْسَ كَذَلِك الْعَمَل على اضعف

<<  <  ج: ص:  >  >>