للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمارات وَالظَّن لكَونهَا أقوى الأمارات لِأَن الظَّن لأضعف الأمارات أَنَّهَا أقواها غير قَبِيح لِأَنَّهُ إِنَّمَا يظنّ الْمُجْتَهد ذك بِشَرْط أَن لَا يكون فِي وُجُوه التَّرْجِيح إِلَّا مَا خطر لَهُ كَمَا أَن الظَّن لكَون زيد فِي الدَّار غير قَبِيح وَإِن لم يكن زيد فِيهَا

وَإِذ قد بَينا أَنه مَا كَانَ يمْتَنع أَن يكون المجتهدون فِي الْفُرُوع على اخْتلَافهمْ مصيبين فلننظر هَل دلّ الدَّلِيل على أَنهم مصيبون أَو على أَن الْمُصِيب مِنْهُم وَاحِد فَقَط وَإِن دلّ الدَّلِيل على أَنهم مصيبون فَذَلِك لَا يكون إِلَّا بِأَن يكون الله عز وَجل لَا يخْطر ببال بَعضهم الأمارة الْأَقْوَى وَلَا مَا ترجح بِهِ ويتعبده بِمَا يخْطر بِبَالِهِ من الأمارة الضعيفة وَإِن دلّ الدَّلِيل على أَن المحق وَاحِد فَقَط فَذَلِك لَا يكون إِلَّا مَعَ القَوْل بِأَن الأمارة الْأَقْوَى وَمَا ترجح بِهِ لم يذهل عَنْهَا وَعَن النّظر فِيهَا أحد من الْمُجْتَهدين بل جوزها وأضرب المخطئون عَن النّظر فِيهَا مَعَ تجويزهم أَنهم لَو نظرُوا زِيَادَة نظر لظفروا بِمَا يَقْتَضِي غَالب الظَّن بِأَن الأمارة الْأَقْوَى غير مَا عِنْدهم فيكونون بذلك مخطئين فِي ترك النّظر الزَّائِد وَفِي الحكم بِمَا اختاروه من الأمارات - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي ذكر مَا يحْتَج بِهِ لِلْقَوْلِ بِأَن الْحق فِي وَاحِد وَمَا يحْتَج بِهِ القَوْل بِأَن كل مُجْتَهد مُصِيب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

أما من قَالَ إِن الْحق فِي وَاحِد فَلهُ أَن يَقُول إِن الله عز وَجل إِنَّمَا كلف الظَّن لأقوى الأمارات وَالْعَمَل على ذَلِك فَمَتَى عدل عَن ذَلِك فقد أَخطَأ ويحتج لقَوْله إِن الْحق فِي وَاحِد بأَشْيَاء

مِنْهَا قَول الله عز وَجل {وَدَاوُد وَسليمَان إِذْ يحكمان فِي الْحَرْث إِذْ نفشت فِيهِ غنم الْقَوْم وَكُنَّا لحكمهم شَاهِدين ففهمناها سُلَيْمَان} قَالُوا فَلَو كَانَا

<<  <  ج: ص:  >  >>