للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يناظر صَاحبه ليَرُدهُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ فَلَو كَانَ مصيبا لما كَانَ لَهُ أَن يقْصد رده عَن الصَّوَاب يُقَال لَهُم إِن الْمُجْتَهدين لَا يخلوان إِذا تناظرا إِمَّا أَن يكون أَحدهمَا لم يغلب على ظَنّه الأمارة الْأَقْوَى فَهُوَ يُرِيد بمناظرته أَن يحصل لَهُ بذلك لِأَنَّهُ لم يحكم بِشَيْء فَيُقَال إِنَّه مُصِيب فِيهِ أَو مخطىء وَإِمَّا أَن يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا يظنّ أَن أمارته هِيَ أقوى من أَمارَة غَيره فَهُوَ يناظر غَيره ليريه ذَلِك لِأَنَّهُ إِن كَانَ فَرْضه غير مَا هُوَ عَلَيْهِ فانه إِذا بَان لَهُ أَن أَمارَة من ناظره أقوى من أمارته تغير فَرْضه وَصَارَت مصْلحَته بِأَن يحكم بالأمارة الَّتِي بَان لَهُ قوتها

فان قيل وَمَا فَائِدَة من ناظره فِي أَن يُغير فَرْضه قيل الْفَائِدَة أَن لَا يمْتَنع أَن يكون إِذا تغير فَرْضه وَلَزِمَه أَن يحكم بالأمارة الَّتِي بَان لَهُ قوتها كَانَ ثَوَابه على ذكر أَكثر فلهذه الْفَائِدَة مَا تناظر المجتهدان وَلأَجل أَن هَذِه الْفَائِدَة رَاجِعَة إِلَى زِيَادَة الْمَنَافِع لم يجب على هذَيْن الْمُجْتَهدين المناظرة وَإِنَّمَا هما مندوبان إِلَيْهَا

وَيُمكن أَن يحْتَج فِي الْمَسْأَلَة أَيْضا فَيُقَال إِنَّه إِذا كَانَ فِي الْمَسْأَلَة أَمارَة هِيَ اقوى من غَيرهَا جرت مَعَ غَيرهَا مجْرى الدّلَالَة مَعَ الأمارة فَكَانَ الْعَادِل عَن الأمارة غالطا وَالْجَوَاب إِن الْعُدُول عَن الأمارة القوية خطأ إِذا ظفر بهَا كَمَا أَن الْعُدُول عَن الدّلَالَة إِلَى الأمارة خطأ إِذا ظفر بِالدّلَالَةِ فَأَما إِذا لم يظفر بهَا وَلَا بالأمارة القوية فانه لَا يكون الْعُدُول عَنْهَا خطأ

وَاحْتج الذاهبون إِلَى أَن كل مُجْتَهد مُصِيب بأَشْيَاء

مِنْهَا قَول الله تَعَالَى {وَدَاوُد وَسليمَان إِذْ يحكمان فِي الْحَرْث إِذْ نفشت فِيهِ غنم الْقَوْم وَكُنَّا لحكمهم شَاهِدين ففهمناها سُلَيْمَان وكلا آتَيْنَا حكما وعلما} فَلَو كَانَ أَحدهمَا مخطئا لم يكن الَّذِي قَالَه عَن علم الْجَواب إِنَّه

<<  <  ج: ص:  >  >>