للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يتْركُوا إِنْكَار الْمُنكر وَالْجَوَاب إِنَّه إِن أُرِيد بالإنكار الذَّم والتبريء فقد تقدم القَوْل فِيهِ وَإِن أُرِيد بِهِ الْمَنْع والتخطئة والمناظرة فَكل ذَلِك قد جرى لِأَن الْمَنْع من الاعتقادات إِنَّمَا يكون بالمناظرة وَقد تنَاظرُوا وشهدوا بالتخطئة على مَا ذكرنَا وَقَالَ ابْن عَبَّاس أما يَتَّقِي الله زيد بن ثَابت وَقَالَ من شَاءَ باهلته وَهَذَا إِمَّا أَن يكون ذما أَو مُبَالغَة فِي الْإِنْكَار وَعلمنَا باعظامه لزيد يصرف ذَلِك عَن الذَّم إِلَى الْمُبَالغَة فِي الْإِنْكَار وَلَيْسَ لَهُم حمل ذَلِك على خطأ نَص إِن كَانَ أَو على تَقْصِير فِي الِاجْتِهَاد لما ذَكرْنَاهُ وَلِأَن أَكثر مَا فِي هَذَا التَّأْوِيل أَن يحْتَملهُ الْكَلَام وَيحْتَمل مَا قُلْنَاهُ فَلَيْسَ لَهُم صرفه إِلَى مَا ذَكرُوهُ إِلَّا لدلَالَة حَتَّى يتم أَنه لم يُنكر بَعضهم على بعض وَقَوْلهمْ إِن ابْن عَبَّاس إِنَّمَا قَالَ لزيد مَا قَالَ لِأَن تَسْمِيَة الْجد أَبَا لَيْسَ من مسَائِل الِاجْتِهَاد فَبَاطِل لِأَن ابْن عَبَّاس لم يخف عَلَيْهِ أَن الْجد لَا يُسمى ابا فِي حَقِيقَة اللُّغَة وَلَا خَفِي على زيد أَن تَسْمِيَته ابا مجَاز وَإِنَّمَا ألحقهُ ابْن عَبَّاس بِابْن الابْن قِيَاسا وَذَلِكَ فِي مسَائِل الِاجْتِهَاد وَقد أنكرهُ على مخالفه

وَمِنْهَا قَوْلهم لَو كَانَ الْحق وَاحِدًا من الْأَقَاوِيل وَمَا عداهُ خطأ لَكَانَ الله قد كلفنا الْعُدُول عَن الْخَطَأ إِلَى ذَلِك القَوْل الصَّوَاب ولوجب أَن ينصب لنا دَلِيلا قَاطعا عَلَيْهِ لنثق بعدولنا عَن الْخَطَأ إِلَى الصَّوَاب وَلَو كَانَ على الْحق دَلِيل قَاطع لفسق مخالفه وَمنع من أَن يُفْتِي بِهِ وَيحكم بِهِ ولمنع الْعَاميّ من استفتائه ولنقض حكمه بِهِ وَالْجَوَاب يُقَال لَهُم قد دلنا الله على الحكم الَّذِي كلفناه بِدلَالَة قَاطِعَة وَإِن لم يدلنا بِدلَالَة قَاطِعَة على أَن الْعلَّة هِيَ عِلّة الأَصْل وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عز وَجل إِنَّمَا كلفنا الْعَمَل على أولى الْعِلَل وأقواها وَقد جعل لنا طَرِيقا نقطع مَعَه بِأَن إِحْدَى العلتين أولى أَن يتَعَلَّق الحكم بهَا وَأَنَّهَا مَوْجُودَة فِي الأَصْل وَالْفرع وَأَنه يلْزم الْعَمَل بهَا فِي الْفَرْع فان قيل مَا طريقكم إِلَى أَن الْوَصْف أولى بِأَن يكون عِلّة من وصف آخر قيل الطَّرِيق إِلَى ذَلِك هُوَ وُجُوه التَّرْجِيح وَذَلِكَ أَن وُجُوه التَّرْجِيح معقولة محصورة فاذا وجدناها أَو أَكْثَرهَا تخْتَص إِحْدَى العلتين قَطعنَا على أَنَّهَا أولى بِأَن تكون عِلّة الحكم فِي الأَصْل من غَيرهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>