للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا إِذا رَأينَا أمارت الْغَيْم الممطر فِي بعض الغيوم نَحْو كَونه فِي الشتَاء وَكَونه كثيفا أغبر قَطعنَا على أَنه أولى بِأَن يكون ممطرا من غيم لَيْسَ هَذِه سَبيله وظننا أَن الْمَطَر يحصل عَنهُ وَلَيْسَ يبعد أَن يكون ظننا بِأَنَّهُ ممطر هُوَ علم بِأَنَّهُ أولى أَن يكون ممطرا وَكَذَلِكَ ظننا أَن الْوَصْف عِلّة الحكم فِي الأَصْل هُوَ علم بِأَنَّهُ أولى أَن يكون عِلّة الأَصْل وَلِهَذَا صَحَّ أَن تدل عَلَيْهِ دلَالَة قَاطِعَة فان قيل فَمَا مِثَال ذَلِك فِي الْعِلَل ووجوه التَّرْجِيح الَّتِي تقطعون بهَا على أَن الْوَصْف أولى بِأَن يكون عِلّة قيل مِثَال ذَلِك أَن يعلم أَن أحد الوصفين يثبت الحكم بِثُبُوتِهِ فِي الأَصْل وينتفي بانتفائه فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِك الآخر أَو أَن أَحدهمَا لَهُ تَأْثِير فِي الْأُصُول دون الآخر نَحْو كَون الْبلُوغ مؤثرا فِي رفع الْحجر عَن المَال وَيعلم أَن أحد الوصفين مستنبط من أصل مجمع على حكمه وَالْآخر مستنبط من أصل غير مجمع على حكمه وَالْآخر مستنبط من أصل غير مجمع على حكمه أَو أَن أَحدهمَا طَريقَة تَنْبِيه النَّص وَالْآخر مستنبط كل هَذِه الْأَشْيَاء مَعْلُوم أَنَّهَا وُجُوه مقوية وَمَعْلُوم ثُبُوتهَا فِي إِحْدَى العلتين فصح أَن يكون طَرِيقا إِلَى الْقطع بِأَن الْوَصْف أولى بِأَن يكون عِلّة وَقد يظنّ حُصُول بعض وُجُوه التَّرْجِيح فِي الأمارة فَيعلم أَنَّهَا أولى من غَيرهَا نَحْو أَن نظن أَن بعض المخبرين أدين واشد تحرجا بِأَن يخبرنا غَيره بذلك فنظن أَنه أَحَق بِأَن يكون صَادِقا مِمَّن لَا نظن أَنه دين ونظن أَن بعض الغيوم على صفة تَقْتَضِي الْمَطَر كالغبرة والكثافة بِخَبَر رجل ظَاهره الصدْق فنعلم أَنه أولى بِأَن يكون ممطرا من غيم لَا نظن فِيهِ هَذِه الصّفة وَهَذِه الصِّفَات المظنونة لَا بُد من أَن تكون طرقها مَعْلُومَة أَو تستند إِلَى طرق مَعْلُومَة وَإِلَّا أدّى إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ أَلا ترى أَن الطَّرِيق إِلَى حُصُول صفة الْغَيْم إِذا كَانَ الْخَبَر فَالْخَبَر مَعْلُوم لنا بالادراك فان قيل فاذا علمْتُم أَن الْوَصْف أولى بِأَن يكون عِلّة الحكم فِي الأَصْل من غَيره من الْأَوْصَاف فقد علمْتُم أَنه عِلّة لحكم الأَصْل قيل لَا يجب ذَلِك كَمَا لَا يجب ذَلِك إِذا علمنَا أَن هَذَا الْغَيْم الكثيف الأغبر أولى بالمطر من غيم رَقِيق غير أغبر أَن نقطع على أَنه ممطر بل قد يجوز أَن يكون ذَلِك هُوَ الممطر وَهَذَا غير ممطر فَلَو قَطعنَا على أَن الْغَيْم الكثيف هُوَ الممطر لنقض

<<  <  ج: ص:  >  >>