للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسَائِل الِاجْتِهَاد فقد بَان أَن القَوْل بخطأ الْمُجْتَهدين يُؤَدِّي إِلَى أَقسَام كلهَا فَاسِدَة وَفِي القَوْل باصابتهم أَجْمَعِينَ خلاص من هَذِه الْوُجُوه أجمع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب القَوْل فِي الْأَشْبَه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اعْلَم أَن مِمَّن قَالَ إِن كل مُجْتَهد مُصِيب لما كلف من قَالَ إِن فِي كل مَسْأَلَة أشبه مَطْلُوبا لَو نَص الله سُبْحَانَهُ على حكم الْمَسْأَلَة لنَصّ عَلَيْهِ فَيُقَال لَهُم أتريدون بالأشبه الحكم بأقوى الأمارات أَو تُرِيدُونَ حكما معينا يجوز أَن يكون غير الحكم بالأقوى من الأمارات فان قَالُوا بِالثَّانِي قيل لَهُم أتقولون إِن ذَلِك الحكم هُوَ مصلحَة الْمُجْتَهد وَمَا عداهُ مفسدته أَو تَقولُونَ لَيْسَ هُوَ مصْلحَته أَو تَقولُونَ هُوَ وَغَيره مصْلحَته على الْبَدَل فان قَالُوا لَيْسَ هُوَ مصْلحَته قيل لَهُم فَمَا وَجه طلبه لما لَيْسَ هُوَ مصْلحَته وَأَيْضًا فاذا لم يكن مصْلحَته فَكيف قُلْتُمْ لَو نَص الله تَعَالَى على الحكم فِي هَذِه الْحَال لنَصّ عَلَيْهِ أَيجوزُ أَن ينص على مَا لَيْسَ بمصلحة وَأَيْضًا إِذا لم يكن ذَلِك مصلحَة فَمَا مصْلحَته فان قَالُوا هُوَ الحكم بأشبه الأمارات صَارُوا إِلَى أَن الْحق هُوَ وَإِن أَرَادوا الْإِشَارَة إِلَى حكم آخر لم يُمكنهُم فان قَالُوا هُوَ مصْلحَته قيل لَهُم أكلفه الله الْوُصُول إِلَيْهِ أَو لم يكلفه ذَلِك فان قَالُوا مَا كلفه الْوُصُول إِلَيْهِ قيل لَهُم فَإِذن قد أَبَاحَهُ الْعُدُول عَن مصْلحَته إِلَى الْمفْسدَة وَذَلِكَ لَا يجوز فِي حكمته وَإِن قَالُوا قد كلفه الله إِصَابَته قيل لَهُم فَمن لم يصبهُ إِذن فقد أَخطَأ مَا كلف فَكيف تَقولُونَ إِنَّه مُصِيب مَا كلف وَيجب إِذا كلفه الله الْوُصُول إِلَى ذَلِك أَن يَجْعَل لَهُ إِلَيْهِ طَرِيقا إِمَّا دلَالَة وَإِمَّا أَمارَة وَقد قُلْنَا إِنَّه لَيْسَ على اعيان الْفُرُوع أَدِلَّة لِأَنَّهَا تستند إِلَى ظنون فَبَقيَ أَن يكون طَرِيق ذَلِك هُوَ الأمارة والأمارة ضَرْبَان قَوِيَّة وضعيفة وَلَيْسَ يجوز أَن الطَّرِيق إِلَى ذَلِك هُوَ الأمارة الأضعف لِأَن الْمُكَلف لَا يجوز لَهُ إِذا عرضت لَهُ أمارتان إِحْدَاهمَا أقوى من الْأُخْرَى أَن يعدل عَن الأفوى إِلَى الأضعف فَثَبت

<<  <  ج: ص:  >  >>