للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنه كلف الْمُجْتَهد الحكم بأقوى الأمارات وَجعل الله لنا طَرِيقا إِلَى أَن الأمارة أقوى الأمارات بِمَا نَصبه من وُجُوه التَّرْجِيح وَلَا بُد من استناد ذَلِك إِلَى علم على مَا بَينا من قبل فان قَالُوا مصلحَة الْمُجْتَهد فِي كل مَسْأَلَة من مسَائِل الِاجْتِهَاد هُوَ ذَلِك الحكم وَغَيره على الْبَدَل قيل لَهُم فاذن الحكم الْمَطْلُوب فِي كل مَسْأَلَة هُوَ التَّخْيِير وَيجب أَن يكون هُوَ المتعبد بِهِ وَأحد لم يقل بذلك وَيجب أَن يكون على الْحكمَيْنِ أمارتان مُخْتَلِفَتَانِ وَأحد لم يقل بذلك فِي كل الْمسَائِل

فان قَالُوا نُرِيد بالأشبه الحكم بأشبه الأمارات وأقواها فقد قَالُوا بِالْحَقِّ ثمَّ يُقَال لَهُم فَهَل كلف الله سُبْحَانَهُ كل مُجْتَهد إِصَابَة ذَلِك الْأَشْبَه أم لم يكلفه ذَلِك فان قَالُوا لم يكلفه قيل لَهُم فَلَا وَجه لطلبه لما لم يكلفه الله إِصَابَته وَإِن قَالُوا قد كلفه الله عز وَجل ذَلِك قيل لَهُم فَمن لم يصل إِلَيْهِ فقد أَخطَأ مَا كلف فَكيف قُلْتُمْ كل مُجْتَهد مُصِيب لما كلف فان قَالُوا كل أَمَارَات الْمُجْتَهدين تتساوى فِي الْقُوَّة قيل فَالْحكم فِيهَا إِذن هُوَ التَّخْيِير فَمن قَالَ لَيْسَ الحكم هُوَ التَّخْيِير فقد أَخطَأ وَأَيْضًا فالأمة مجمعة على انه لَيْسَ كل الأمارات مُتَسَاوِيَة فِي الْقُوَّة وَذَلِكَ أَن مِنْهُم من يمْنَع من تَسَاوِي الأمارات وَمِنْهُم من يُجِيز ذَلِك وَيَقُول إِن الْيَسِير مِنْهَا مُتَسَاوِيَة وباقيها غير مُتَسَاوِيَة ويدعى أَن الأمارات الَّتِي صَار إِلَيْهَا أقوى من أَمَارَات خَصمه وخصمه يَقُول بل اماراتي أقوى من أَمَارَات من خالفني وَلم يقل أحد من الْمُجْتَهدين أَن كل الْمسَائِل فأماراتها متكافئة

وَاحْتج الْمُخَالف بأَشْيَاء

مِنْهَا قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اجْتهد الْحَاكِم فَأصَاب فَلهُ أَجْرَانِ وَإِن اجْتهد فَأَخْطَأَ فَلهُ أجر قَالُوا فَتبين أَن فِي الْمسَائِل حكما يجوز أَن يُصِيبهُ ويخطئه فَالْجَوَاب إِن من الْحَوَادِث مَا هَذِه سَبيله وَهُوَ الحكم بأشبه الأمارات وأقواها فان احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْأَشْبَه فَصَحِيح وَإِن احْتَجُّوا بِغَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>