للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقُول فِي الْحَوَادِث إِن مَطْلُوب الْمُجْتَهد أَن يظنّ عِلّة الأَصْل بأقوى الأمارات وَيتبع ذَلِك أَن يعلم وجوب إِلْحَاق الْفَرْع بِالْأَصْلِ وَيتبع هَذَا الْعلم أَن يعْمل بذلك فان قَالُوا أَلَيْسَ الْمُجْتَهد فِي الْقبْلَة يعلم أَن الْقبْلَة عين من الْأَعْيَان يجوز أَن تكون فِي الْجِهَة الَّتِي يظنّ باقوى الأمارات أَن الْقبْلَة فِيهَا وَيجوز أَن لَا يكون فِيهَا فَقولُوا إِن حكم الْمَسْأَلَة هُوَ حكم معِين عِنْد الله يجوز أَن يكون هُوَ حكم أقوى الأمارات وَيجوز أَن يكون غَيره قيل لَهُم وَلم إِذا جَازَ أَن تكون الْقبْلَة فِي غير الْجِهَة الَّتِي يطْلبهَا الْمُجْتَهد فِيهَا جَازَ أَن يكون حكم الْمَسْأَلَة غير حكم أشبه الأمارات وَيُقَال لَهُم الْفرق بَينهمَا أَن الْقبْلَة نَفسهَا لَيْسَ هِيَ مَطْلُوب الْمُجْتَهد الَّذِي كلف الصَّلَاة إِلَيْهِ بِعَيْنِه فَلم يمْتَنع أَن تكون فِي غير الْجِهَة الَّتِي يطْلبهَا فِيهَا بل مَطْلُوبَة الَّذِي كلف هُوَ الصَّلَاة إِلَى الْجِهَة الَّتِي يظنّ الْقبْلَة فِيهَا لَا إِلَى الْقبْلَة بِنَفسِهَا ولسنا نمْنَع أَن يكون مَا لم يُكَلف الْمَرْء إِصَابَته غير مَوْجُود بِحَيْثُ نظنه وَأما حكم الْحَادِثَة الَّذِي هُوَ مصلحَة الْمُكَلف فقد كلف الْوُصُول إِلَيْهِ فَلَا بُد أَن يكون ذَلِك الحكم إِمَّا مُقْتَضى دلَالَة أَو مُقْتَضى امارة قَوِيَّة أَو ضَعِيفَة فاذا لم يكن دلَالَة وَلَا أَمارَة ضَعِيفَة مَعَ تمكن الْمُجْتَهد من القوية فَلَا بُد من كَونه مُقْتَضى أَمارَة قَوِيَّة وَالْقَوْل بعد ذَلِك بانه يجوز أَن لَا يكون ذَلِك الحكم مُقْتَضى الأمارة القوية مناقضة ظَاهِرَة فان قَالُوا ذَلِك الحكم أَيْضا مَا كلف الْمَرْء إِصَابَته كَمَا لم يُكَلف إِصَابَة الْقبْلَة قيل قد أفسد ذَلِك فِيمَا تقدم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الْفرق بَين مسَائِل الِاجْتِهَاد وَمَا لَيْسَ من مسَائِل الِاجْتِهَاد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اعْلَم أَن قَاضِي الْقُضَاة ذكر فِي الْعمد أَن مَا عَلَيْهِ دلَالَة قَاطِعَة فَلَيْسَ هُوَ من مسَائِل الِاجْتِهَاد وَالْحق فِي وَاحِد مِنْهُ لَا يحل خِلَافه سَوَاء كَانَت تِلْكَ الدّلَالَة خُفْيَة اَوْ جلية وَلم يفصل بَين الْإِجْمَاع الْمُبْتَدَأ وَبَين الْإِجْمَاع بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>