كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالْآخرِ وحركته إِلَيْهِ إِمَّا لذاتيهما أَو لِمَعْنى زَائِد عَلَيْهِمَا كَمَا قَالَ فريق مِنْهُم إِن الْأُصُول ثَلَاثَة نور مَحْض وظلام مَحْض وأصل ثَالِث لَيْسَ بِنور وَلَا ظلام وَهُوَ دون النُّور وَفَوق الظلام وَهُوَ الْمُوجب لامتزاجهما والمعدل بَينهمَا فَإِن كَانَ لذاتيهما فَهُوَ محَال وَإِلَّا لما تصور الِافْتِرَاق بَينهمَا وَهُوَ خلاف مَا نشاهده كَيفَ وَأَن النُّور والظلمة لذاتيهما متباينان فَكيف يكون أَحدهمَا طَالبا للْآخر وان كَانَ ذَلِك بِاعْتِبَار امْر ثَالِث فإمَّا ان يكون من نوعها اَوْ من نوع احدهما اَوْ هُوَ نوع ثَالِث غَيرهمَا فَإِن كَانَ مِنْهُمَا فَهُوَ دور فَإِن امتزاجهما لَا يتم إِلَّا بِهِ وَهُوَ لَا يتم إِلَّا بامتزاجهما وَإِن كَانَ من نوع أَحدهمَا فَلَيْسَ بِأَصْل ثَالِث غَيرهمَا وَإِذ ذَاك فَيَعُود الْقسم الأول لَا محَالة وَإِن لم يكن من نوعهما فَهُوَ إِمَّا بسيط اَوْ مركب فَإِن كَانَ بسيطا فَهُوَ إِمَّا خير مَحْض أَو شَرّ مَحْض لعدم التَّرْكِيب فِيهِ وَإِذ ذَاك فالصادر عَنهُ يجب أَن يكون حاذيا حذوه وقافيا أَثَره وَفِي ذَلِك امْتنَاع وجود قسم آخر غير الشَّرّ الْمَحْض وَالْخَيْر الْمَحْض وَهُوَ مُمْتَنع
د وَأما الرَّد على الْمُعْتَزلَة
فِي خلق الْأَعْمَال فَهُوَ مَوضِع غمرة ومحز إِشْكَال وَهُوَ يستدعى تَقْدِيم طرق الْمُتَكَلِّمين وإيضاح الصَّحِيح مِنْهَا والسقيم ثمَّ الْإِشَارَة إِلَى شبه الْمُخَالفين وَبَيَان الْفرق بَين الْخلق وَالْكَسْب فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَنَقُول ذهب المتكلمون هَهُنَا إِلَى مسالك لَا ظُهُور لَهَا عِنْد من طهرت بصيرته واتقدت قريحته
[المسلك الأول]
أَنهم قَالُوا لَو لم تكن مقدروات الْعباد مخلوقة لله تَعَالَى لم يكن إِلَّا لِاسْتِحَالَة مَقْدُور بَين قَادِرين وَهُوَ غير مُسْتَقِيم فَإِنَّهُ قبل أَن يقدر عَبده لم يكن الْفِعْل مَقْدُورًا