وَقد تكلمنا على ذَلِك بِمَا فِيهِ مقنع وكفاية كَيفَ وان ذَلِك مَا يَصح استبعاده من الْخصم والا لما سَاغَ لَهُ الِاعْتِرَاف بِوُجُود حَادث مَا والا فَمَا ذكره من الشُّبْهَة تكون إِذْ ذَاك لَازِمَة لَهُ من غير محيص
واما الشُّبْهَة الثَّانِيَة
فَإِنَّهُم ان أَرَادوا بالمدة معنى زمانيا وامرا وجوديا حَقِيقا فالتقسيم بذلك انما يَصح على مَا هُوَ قَابل للتقدم والتأخر والمعية الزمانية وَأما على مَا لَيْسَ بقابل فَلَا والبارى تَعَالَى لَيْسَ بقابل للتقدم والتأخر بِالزَّمَانِ لكَون وجوده غير زمانى كَمَا أَنه غير قَابل للتقدم والتأخر المكانى لكَون وجوده غير مكانى فَإِذا قيل إِن تقدمه على الْعَالم بِمدَّة زمانية كَانَ محالا كَمَا أَنه محَال أَن يتَقَدَّم على الْعَالم بِالْمَكَانِ وعَلى ذَلِك فَلَا يلْزم بنفى الْمدَّة والتقدم الزمانى القَوْل بالمعية بَينهمَا كَمَا لَا يلْزم القَوْل بنفى الْمَكَان والتقدم بِهِ الْمَعِيَّة أَيْضا فَإِذا الْمَعْنى بِكَوْن البارى تَعَالَى مُتَقَدما انه كَانَ وَلم يكن مَعَه شئ وَالْمعْنَى بِكَوْن الْعَالم حَادِثا أَو مُتَأَخِّرًا أَنه كَانَ بعد مَا لم يكن وَذَلِكَ لَا يسْتَوْجب التَّقَدُّم بِالزَّمَانِ وَلَا وَلَا التَّأَخُّر بِهِ
نعم لَا يُنكر أَن الأوهام قد تَنْقَطِع عَن الْوُقُوف على مُدَّة لَا يرتمى الْوَهم إِلَى تَقْدِير مُدَّة قبلهَا وَإِلَى تَقْدِير مُدَّة بَين وجود الْوَاجِب بِذَاتِهِ وَوُجُود الْعَالم لَكِن ذَلِك كُله من تقديرات الاوهام وتخييلاتها فَلَا يقْضى بهَا على العقليات والأمور اليقينيات بل يجب أَن يقْضى بِكُل مِنْهُمَا على تقديراتها وَمِنْهَا تَقْدِير أَن الْعَالم إِمَّا خلاء أَو ملاء إِلَى غير النِّهَايَة كَيفَ وَأَنه لما أُرِيد بِلَفْظ الْمدَّة الزَّمَان كَانَ التَّقْسِيم خطأ إِذْ الزَّمَان من الْعَالم وَالْكَلَام أَيْضا