ثمَّ وَلَو قدر أَن وجوده فِي الْأَزَل جَائِز لَكِن يجب القَوْل بتناهيه كَمَا يجب القَوْل بتناهى أبعاد الْعَالم وَإِن كَانَت بِالنّظرِ إِلَى الْجَوَاز العقلى لَا تتناهى
وَأما مُلَازمَة النَّقْص للايجاد بالارادة وَالِاخْتِيَار فمبنى على رِعَايَة الصّلاح والأصلح وَوُجُوب النّظر إِلَى الأولى وَقد بَينا وَجه إِبْطَاله فِيمَا سلف وَبينا أَن الْفِعْل وَأَن لَا فعل بِالنّظرِ إِلَى وَاجِب الْوُجُود سيان وهما بِالنِّسْبَةِ اليه متساويان وَأَنه لَا اولوية وَلَا تَرْجِيح وان لَهُ ان يفعل وَأَن لَا يفعل من غير أَن يكون الْمَفْعُول أَو الْمَتْرُوك نَفسه حسنا وَلَا قبيحا وعَلى هَذَا فَهُوَ لَا يَسْتَفِيد بِالْفِعْلِ كمالا وَلَا بِالتّرْكِ نُقْصَانا
ثمَّ كَيفَ يَصح هَذَا الْإِلْزَام من الْخصم مَعَ اعترافه بِأَن مَا فِي عَالم الْكَوْن وَالْفساد من الحركات والامتزاجات وَسَائِر الحادثات مستندة إِلَى الحركات الدورية وهى بأسرها تستند إِلَى ارادة قديمَة نفسية ثَابِتَة للأجرام الفلكية وَلَا محَالة أَن الْجَوْهَر النفسانى أشرف مِمَّا وَجب بِهِ فَإِن كَانَ الإيجاد بالارادة مِمَّا يُوجب توقف كَمَال المريد على المُرَاد فَكيف قَالَ بذلك فِي النَّفس وهى أشرف مِمَّا وجد بهَا وان كَانَ ذَلِك مِمَّا لَا يُوجب التَّوَقُّف فَكيف صَحَّ إبعاده من الْجُمْلَة فَمَا يتَحَقَّق جَوَابا للخصم عَن الالزام عَن إِيجَاد الْأَنْفس الفلكية للحركات الدوريه فَهُوَ بِعَيْنِه جَوَاب لنا هَهُنَا وَهَذَا كُله مِمَّا قد نبهنا عَلَيْهِ فِيمَا سلف
وَأما الشُّبْهَة الرَّابِعَة
فَأَما دَعْوَى لُزُوم سبق الزَّمَان على كل مَا حُدُوثه بعد الْعَدَم بِنَاء على قِيَاسه فمبنى على كَون الْقبل أمرا وجوديا وَمعنى حَقِيقِيًّا وَلَيْسَ كَذَلِك بل الْمَعْنى بِكَوْن الْحَادِث ذَا قبل أَنه لم يكن فَكَانَ وَذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ أَمر سلبى لَا معنى وجودى وَمهما قيل إِنَّه ذُو قبل مَوْجُود فَلَا يعْنى بِهِ إِلَّا هَذَا وَمهما ورد السَّلب على الْقبلية فَهُوَ وَارِد على السَّلب وَذَلِكَ لَا يجوز إِذْ سلب