للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

للْعَبد فَيجب أَن يكون مَقْدُورًا للرب إِذْ الْفِعْل فِي نَفسه مُمكن وَالْمَانِع من كَونه قَادِرًا بعد إقدار العَبْد إِنَّمَا هُوَ اسْتِحَالَة اجْتِمَاع مَقْدُور بَين قَادِرين وَهَذَا الْمَانِع غير مَوْجُود قبل إقدار العَبْد وَإِذا كَانَ مَقْدُورًا للرب قبل إقدار العَبْد فَبعد إقداره يَسْتَحِيل أَن يخرج مَا كَانَ مَقْدُورًا لَهُ عَن كَونه مَقْدُورًا فَإِنَّهُ لَو خرج عَن كَونه مَقْدُورًا للرب بِسَبَب تعلق الْقُدْرَة الْحَادِثَة بِهِ لم يكن بِأولى من امْتنَاع تعلق الْقُدْرَة الْحَادِثَة بِهِ واستبقاء تعلق الْقُدْرَة الْقَدِيمَة بِهِ بل بَقَاء مَا كَانَ على مَا كَانَ أولى من نَفْيه وَإِثْبَات مَا لم يكن وَإِذا ثَبت كَونه مَقْدُورًا للرب وَجب أَن يكون خالقه ومبدعه من حَيْثُ إِنَّه يَسْتَحِيل انْفِرَاد العَبْد بِخلق مَا هُوَ مَقْدُور لله تَعَالَى

وَاعْلَم أَن هَذَا المسلك من رَكِيك القَوْل إِذْ الْخصم قد يمْنَع كَونه مَقْدُورًا للرب قبل تعلق الْقُدْرَة الحادثه بِهِ وَكَون الْفِعْل فِي نَفسه مُمكنا مِمَّا لَا يُوجب تعلق الْقُدْرَة الْقَدِيمَة بِهِ أصلا وَلَا يعْتَرف بِأَن كل مُمكن فِي نَفسه مَقْدُور للرب وَمَا قدر من زَوَال الْمَانِع فمتهافت أَيْضا فَإِن الْخصم مهما لم يسلم إِمْكَان تعلق الْقُدْرَة الْقَدِيمَة بِالْفِعْلِ فَلَا يلْزم من عدم مَا يتخيل فِي الْجُمْلَة مَانع أَن يكون التَّعَلُّق فِي نَفسه ثَابتا ثمَّ وَلَو قدر كَونه مُمكنا فَلَا يلْزم التَّعَلُّق من انْتِفَاء الْمَانِع الْمعِين مهما لم يتَبَيَّن انْتِفَاء غَيره من الْمَوَانِع وَذَلِكَ مِمَّا لَا يتم إِلَّا بالبحث وَهُوَ بعيد عَن اليقينات كَيفَ وَإنَّهُ وَلَو قدر مَقْدُورًا للرب فَلَا يلْزم من حَيْثُ هُوَ مَقْدُور لَهُ أَن تكون نسبته إِلَيْهِ أولى من نسبته إِلَى العَبْد بِكَوْنِهِ مَقْدُورًا لَهُ فَإِن قيل إِنَّه يكون مخلوقا لَهما فَهُوَ خلاف الْمَذْهَب وَمَعَ ذَلِك فَهُوَ محَال لما سلف

[المسلك الثانى]

لَو جَازَ تَأْثِير الْقُدْرَة الْحَادِثَة فِي الْفِعْل بالإيجاد والاختراع لجَاز تأثيرها فِي إِيجَاد كل مَوْجُود من حَيْثُ إِن الْوُجُود قَضِيَّة وَاحِدَة لَا يخْتَلف وَإِن اخْتلفت محاله وجهاته

<<  <   >  >>