هُوَ أَنهم قَالُوا إِن كَانَ قَوْله وارادته من نوع اقوالنا وإرادتنا فَمَا يحصل بقوله وإرادته وَجب أَن يحصل بأقوالنا وإرادتنا لكَون الْجَمِيع من نوع وَاحِد وَحَيْثُ لم يحصل بأقوالنا وإرادتنا وَجب أَن لَا يحصل بقوله وارادته
قَالُوا وَلَا يصلح أَن يفرق بِأَن أَقْوَاله وارادته حَاصِلَة بِالْقُدْرَةِ الْقَدِيمَة والمشيئة الأزلية وَلَا كَذَلِك أقوالنا وإرادتنا فان هَذَا فِي الْحَقِيقَة لَا يصلح أَن يكون فرقا إِذْ الْفرق بَين الشَّيْئَيْنِ يجب أَن يكون بِأَمْر يعود إِلَى نفسيهما لَا إِلَى نسبتهما وان قيل إِن الإيجاد إِنَّمَا يحصل بالإرادة أَو القَوْل مَعَ الْقُدْرَة فالقدرة كَافِيَة فِي الإيجاد فَلَا حَاجَة إِلَى غَيرهَا ثمَّ لم لَا جَائِز أَن تحصل إرادتنا وأقوالنا مَعَ ضميمة الْقُدْرَة مُوجبَة الإحداث أَيْضا إِذْ لَا فرق بَين أَن يُضَاف إِلَى الْقُدْرَة قَوْله أَو قَوْلنَا وارادته وارادتنا لِكَوْنِهِمَا من نوع وَاحِد
وَهَذَا المسلك أَيْضا مِمَّا لَا يقوى وَذَلِكَ لِأَن مَا نثبته نَحن من الصِّفَات الْقَدِيمَة للرب تَعَالَى إِن اعترفنا بِأَنَّهَا من نوع صفاتنا فالإلزام لخصومنا لَازم علينا أَيْضا وان لم نقل بِكَوْنِهَا من نوع صفاتنا فقد بَطل الْإِلْزَام أَيْضا وان قدر اشتراكهما فِي الْحُدُوث إِذْ لَيْسَ الِاشْتِرَاك فِي شئ مَا بَين شَيْئَيْنِ يُوجب الِاشْتِرَاك فِي الْحَقِيقَة كَمَا لَا يخفى ثمَّ وَلَو قدر امْتنَاع اضافة المحدثات إِلَى الصّفة الْحَادِثَة فَذَلِك لَا يُوجب امْتنَاع قيام الْحَوَادِث بِذَات الرب تَعَالَى