فَقَالَ إنَّهُمَا يعذبان وَقَول الله تَعَالَى {وحاق بآل فِرْعَوْن سوء الْعَذَاب النَّار يعرضون عَلَيْهَا غدوا وعشيا وَيَوْم تقوم السَّاعَة أدخلُوا آل فِرْعَوْن أَشد الْعَذَاب} فَلَا سَبِيل إِلَيْهِ وَلَا معول لأرباب الْعُقُول عَلَيْهِ واستبعاد ذَلِك على أَنه غير محسوس من الْمَيِّت فَمن أدْرك بعقله حَال النَّائِم فِي مَنَامه وَمَا يَنَالهُ من اللَّذَّات والتألمات بِسَبَب مَا يُشَاهِدهُ من حسن وقبيح مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ من سُكُون ظَاهر جِسْمه وخمود جوارحه بل وَكَذَا حَال المحموم وَالْمَرِيض فِي حَالَة انغماره لم يتقاصر فهمه عَن دَرك عَذَاب الْقَبْر ونعيمه وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين أَن تكون أَجزَاء الْبدن مجتمعة أَو مفرقة فَإِن من أسْكنهُ الْأَلَم فِي حَالَة الِاجْتِمَاع قَادر أَن يسكنهُ ذَلِك فِي حَالَة الِافْتِرَاق وَذَلِكَ لَا يستدعى أَن يكون محسوسا وَلَا مشاهدا
وعَلى هَذَا يخرج استبعاد سُؤَاله وَجَوَابه أَيْضا
وَمِمَّا يُؤَكد رفع هَذَا الاستبعاد مَا علم من حَال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَالَة الوحى ومخاطبة جِبْرِيل لَهُ وَالنَّاس حوله لَا يسمعُونَ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك لِأَن الْأَجْزَاء المستقلة بالفهم وَالْجَوَاب من الْإِنْسَان إِنَّمَا هى أَجزَاء باطنة يعلمهَا الله تَعَالَى فِي الْقلب فَيجوز أَن يخلق الله لَهَا الْحَيَاة والفهم وَالْجَوَاب وَإِن كَانَ باقى الْجِسْم معطلا لَا يشْعر بِهِ صَاحبه وَذَلِكَ كَمَا نشاهده ونعلمه من حَال النَّائِم والمغمى عَلَيْهِ لصرع أَو مرض أَو غَيره عِنْد مخاطبته اَوْ محاورته لمن يتخيل لَهُ فِيمَا هُوَ عَلَيْهِ من حَالَته
وَلَيْسَ الْخطاب وَالسُّؤَال لمُجَرّد الرّوح الْمُفَارقَة الَّتِى أجْرى الله تَعَالَى الْعَادة بِوُجُود
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute