بِاللَّه وباليوم الآخر كَأَنَّك ترَاهُ فَمن وَفقه الله لهَذَا التَّصْدِيق وأرشده إِلَى هَذَا التَّحْقِيق فَهُوَ الْمُؤمن الْحق عِنْد الله وَعند الْخلق وَإِلَّا فقد شقى الشقاوة الْكُبْرَى وَحكم بِكُفْرِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى لِأَن الْكفْر وَإِن كَانَ فِي اللُّغَة عبارَة عَن التغطية والستر فَهُوَ فى عرف أهل الْحق من الْمُتَكَلِّمين عبارَة عَن السّتْر والتغطية للقدر الذى يصير بِهِ الْمُؤمن مُؤمنا لَا غير وَلَيْسَ الْإِيمَان هُوَ الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ فَقَط كَمَا زعمت الكرامية وَلَا إِقَامَة الْعِبَادَات والتمسك بالطاعات كَمَا زعمت الخارجية فَإنَّا نعلم من حَال النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد إِظْهَار الدعْوَة انه لم يكتف من النَّاس بِمُجَرَّد الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ وَلَا الْعَمَل بالأركان مَعَ تَكْذِيب الْجنان بل كَانَ يُسمى من كَانَت حَاله كَذَلِك كَاذِبًا ومنافقا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى تَكْذِيبًا لِلْمُنَافِقين عِنْد قَوْلهم {نشْهد إِنَّك لرَسُول الله} {وَالله يشْهد إِن الْمُنَافِقين لَكَاذِبُونَ} وَمِنْه أَيْضا شَهَادَة الْكتاب الْعَزِيز بكذبه وسلب إيمَانه فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه وباليوم الآخر وَمَا هم بمؤمنين} وَمَا ورد فِي الْكتاب وَالسّنة وأقوال الْأمة فِي ذَلِك أَكثر من أَن يُحْصى
ثمَّ لَا يخفى قبح القَوْل بِأَن الْإِيمَان مُجَرّد الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ من حَيْثُ إفضائه إِلَى تَكْفِير من لم يظْهر مَا أبطنه من التَّصْدِيق وَالطَّاعَة وَامْتِنَاع اسْتِحْقَاقه للشفاعة وَالْحكم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute