للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مُقَابلَته وإفحامه فى رسَالَته ينْهض دَلِيلا قَاطعا على صدق مقَالَته وَإِظْهَار البارى تَعَالَى ذَلِك على يَده مُقَارنًا لدعوته ينزل منزلَة الْخطاب إِنَّه رَسُول وَإنَّهُ صَادِق فِيمَا يَقُوله إِذْ لَو كَانَ ذَلِك اتِّفَاقًا لما وَقع على وفْق إخْبَاره وعَلى حسب إيثاره واختياره إِذْ هُوَ مُمْتَنع بِالنّظرِ إِلَى الاستحالة العادية وَلَا سِيمَا إِن وَقع ذَلِك مِنْهُ متكررا

وَلَيْسَ ذَلِك فى ضرب الْمِثَال إِلَّا كَمَا لَو كَانَ بعض الْمُلُوك جَالِسا فى رتبته قَاعِدا على سَرِير مَمْلَكَته وَالنَّاس مجتمعون لخدمته قيَاما فى طَاعَته فَقَامَ وَاحِد من عرض النَّاس وَقَالَ يأيها النَّاس إنى رَسُول هَذَا الْملك إِلَيْكُم بِكَذَا وَكَذَا وَآيَة صدقى على ذَلِك أَنى إِذا طلبت مِنْهُ أَن يقوم ثَلَاث مَرَّات أَو يُحَرك كَفه أَو يَده مثلا فعل وَلَو أَرَادَ وَاحِد مِنْكُم لم يجد إِلَيْهِ سَبِيلا فَإِنَّهُ إِذا أَتَى لَهُ بذلك لم يتمار أحد من الْحُضُور وَلَا يداخله شكّ أَو فتور أَنه صَادِق فِيمَا ادَّعَاهُ حقيق فِيمَا أَتَاهُ

والذى يُؤَكد ذَلِك إِسْنَاد تَصْدِيقه إِلَى مُتَوَقف على مَشِيئَة البارى تَعَالَى وإرادته دون مَشِيئَته هُوَ إِرَادَته سرعَة اقترانها بدعوته وَإِلَّا فَلَو كَانَت المعجزة مستندة إِلَى حوله وقوته لم ينتهض من ذَلِك دَلِيل على كَونه رَسُول رب الْعَالمين فَإِنَّهُ لم ينزل اقتران المعجزة بِدَعْوَاهُ منزلَة التَّصْدِيق لَهُ من الله تَعَالَى كَمَا إِذا كَانَت المعجزة من خلق الله وَفعله وداخلة تَحت مَشِيئَته وَحَوله والمكابر لذَلِك جَاحد لما أنعم الله عَلَيْهِ من الْعقل السنى والنطق النفسانى

وَبعد مَا تقترن المعجزة بِدَعْوَاهُ على سَبِيل مَا يجريه الله وَيثبت صدقه فى ذَلِك بطرِيق الْعلم بِنَاء على مَا احتفت بِهِ من الْقَرَائِن الظَّاهِرَة والدلائل الباهرة فَلَا ينتهض عدمهَا بعد ذَلِك دَلِيلا على كذبه وإبطاله رسَالَته وَإِلَّا لوَجَبَ أَن يَنْقَلِب الْعلم جهلا

<<  <   >  >>