وَأما اتِّفَاق النَّاس على مَا لأَجله نصب الإِمَام وَإِن كَانَ ذَلِك جَائِزا فى الْعقل لكنه بِالنّظرِ لما لَا تقبله الْعَادة الْجَارِيَة وَالسّنة المطردة فممتنع بِدَلِيل مَا ذَكرْنَاهُ من أَوْقَات الفترات وَمَوْت الْمُلُوك والسلاطين وَغير ذَلِك مِمَّا ذَكرْنَاهُ وَلِهَذَا نرى العربان والخارجين عَن حكم السُّلْطَان كالذئاب الشاردة وَالْأسود الكاسرة لَا يبْقى بَعضهم على بعض وَلَا يُحَافِظُونَ فى الْغَالِب على سنة وَلَا فرض وَلم تَكُ دواعيهم إِلَى صَلَاح أُمُورهم وتشوفهم إِلَى الْعَمَل بِمُوجب دينهم بمغن عَن السُّلْطَان إِذْ السَّيْف والسنان قد يفعل مَا لَا يَفْعَله الْبُرْهَان
وَمن نظر إِلَى مَا قَرَّرْنَاهُ من الْفَائِدَة الْمَطْلُوبَة من نصب الإِمَام والغاية الْمَقْصُودَة من إِقَامَته لِلْإِسْلَامِ علم أَنه لَا أثر لجَوَاز الْمُخَالفَة لَهُ فِيمَا يَقع من مسَائِل الِاجْتِهَاد وَأَن ذَلِك غير مَقْصُود فِيهِ الانقياد
وَإِذا ثَبت وجوب الْإِمَامَة بِالسَّمْعِ فَهَل التَّعْيِين فِيهَا مُسْتَند إِلَى النَّص أَو الِاخْتِيَار فَذَهَبت الإمامية إِلَى أَن مُسْتَند التَّعْيِين إِنَّمَا هُوَ النَّص وَزَعَمُوا أَن خلَافَة على مَنْصُوص علها من قبل النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله أَنْت منى كهارون من مُوسَى وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام بعد مَا وَجَبت طَاعَة الْمُؤمنِينَ لَهُ وَثَبت أَنه أَحَق بهم من أنفسهم