وَإِن لم يكن الْمُخَصّص من جِهَة من لَهُ الْإِرَادَة شَاهدا وعَلى هَذَا يخرج كل مَا يهولونه من الْأَمْثَال غير هَذَا الْمِثَال
وَأَيْضًا فَإِنَّهَا لَو كَانَت حَادِثَة لَا فِي مَحل لم تكن نسبتها إِلَى البارى تَعَالَى بِكَوْنِهِ مرِيدا بِأولى من نسبتها الى غَيره من الْحَوَادِث وَلَيْسَ يجب القَوْل بِتَغَيُّر نسبتها إِلَيْهِ لما بَيناهُ من الِاشْتِرَاك فِي نفي الْمَحَلِّيَّة عَنْهُمَا فَإِنَّهُ مَعَ مَا فِيهِ من انْتِفَاء جِهَة اللُّزُوم لَيْسَ هُوَ بِأولى من نسبتها إِلَى غَيره من الْحَوَادِث لما بَينهمَا من الِاشْتِرَاك فِي الْحُدُوث بل وَهُوَ الاولى من حَيْثُ إِن مَا يتَحَقَّق بَين الْحَوَادِث من الِاشْتِرَاك وَالنّسب أكبر مِنْهَا بَين الْقَدِيم والحادث على مَا لَا يخفى
ثمَّ وَلَو وَجب نسبتها إِلَيْهِ لما اشْتَركَا فِيهِ من نفى الْمَحَلِّيَّة لوَجَبَ نسبتها إِلَى سَائِر الْجَوَاهِر والأجسام إِذْ هِيَ مُشَاركَة لَهَا فِي هَذَا الْمَعْنى كَيفَ وَإنَّهُ لَو جَازَ أَن يكون مرِيدا بِإِرَادَة قَائِمَة لَا فِي ذَاته لجَاز أَن يكون عَالما بِعلم قَائِم لَا فِي ذَاته وقادرا بقدرة قَائِمَة لَا فِي ذَاته إِلَى غير ذَلِك من الصِّفَات وَلم يَقُولُوا بِهِ ولجاز أَيْضا ان يكون الْوَاحِد منا عَالما وقادرا بِعلم قَائِم لَا فِي ذَاته وقدرة قَائِمَة لَا فِي ذَاته وَلم يَقُولُوا بِهِ أَيْضا والتحكم بِالْفرقِ من غير دَلِيل مِمَّا لَا سَبِيل إِلَيْهِ وَبِهَذَا تبين إبِْطَال القَوْل بالقسم الثَّانِي أَيْضا كَيفَ وَإنَّهُ مِمَّا لَا قَائِل بِهِ فَلم يبْق إِلَّا أَن تكون قَائِمَة بِذَات الرب تَعَالَى
وَإِذا كَانَت قَائِمَة بِذَاتِهِ فإمَّا ان تكون قديمَة أَو حَادِثَة لَا جَائِز أَن تكون حَادِثَة كَمَا ذهب إِلَيْهِ الكرامية إِذْ قد بَينا وَجه إِبْطَاله وَلَا حَاجَة إِلَى إِعَادَته وسنبين امْتنَاع