وسنبين فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله أَنه لَا خَالق الا الله وَلَا مبدع إِلَّا هُوَ وَأَن الإبداع والخلق لجَمِيع الحادثات لَا يكون إِلَّا عَن إِرَادَة وَاخْتِيَار لَا عَن طبع واضطرار كَيفَ وَإنَّهُ لَو لم تتَعَلَّق إِرَادَته بِجَمِيعِ الكائنات لَكَانَ كَمَال وَاجِب الْوُجُود بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا لم تتَعَلَّق بِهِ إِرَادَته من الكائنات أنقص بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَال من تعلّقت بِهِ إِرَادَته من المختارين وَهُوَ محَال وَمَا ذَكرُوهُ من المحالات وأوردوه من الإلزامات غير مُتَّجه
أما الأول وَهُوَ قَوْلهم يلْزم أَن يكون مرِيدا لإِرَادَة زيد وَعَمْرو عِنْد اخْتِلَاف مراديهما فقد منع بعض الْأَصْحَاب من تصور اجْتِمَاع مثل هَاتين الإرادتين وَقَالَ إِن مَا علمه الله على مَا هُوَ عَلَيْهِ وَإنَّهُ سَيكون اولا يكون فَهُوَ المُرَاد ونقيضه تشبه غير مُرَاد فعلى هَذَا تصور الإرادتين عِنْد تعلقهما بنقيضين مُمْتَنع وَهُوَ مِمَّا فِيهِ نظر فَإِن مَا وجد من كل وَاحِد مِنْهُمَا مماثل لما وجد من صَاحبه فِيمَا يرجع إِلَى الْميل وَالْقَصْد وَالِاخْتِلَاف لَيْسَ إِلَّا فِي التَّعَلُّق وَكَون أَحدهمَا وَاقعا على الوفق وَالْآخر على خِلَافه فَإِن كَانَ ذَلِك هُوَ الْمُوجب تَسْمِيَة الْبَعْض إِرَادَة وَالْبَعْض شَهْوَة فحاصله يرجع إِلَى الِاصْطِلَاح فِي الْأَسْمَاء لَا الِاخْتِلَاف فِي الْمَعْنى وَهُوَ مَا يُوجد فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا