بِأَن إِرَادَته وَرضَاهُ مِمَّا يتَعَلَّق بالمعاصى على اخْتِلَاف أصنافها إِذْ هِيَ من حَيْثُ هِيَ شرور ومعاص امور إضافيه لَا ذَوَات حَقِيقِيَّة كَمَا سنبين والإرادة لَا تتَعَلَّق بهَا إِنَّمَا تتَعَلَّق بهَا من حَيْثُ الْحُدُوث والتجدد كَمَا سبق وَمن تمسك بِهَذِهِ الْقَاعِدَة اسْتغنى عَن التَّأْوِيل بطرِيق التَّفْصِيل كَيفَ وَأَنا سنقرر قَاعِدَة فِي معنى الْمحبَّة والرضى والإرادة يُمكن أَن نتوصل مِنْهَا إِلَى تَأْوِيل كل مَا يرد من هَذَا الْقَبِيل
اما المحبوب والمرضى فِي حق الله تَعَالَى فَلَيْسَ مَعْنَاهُ إِلَّا أَنه ممدوح عَلَيْهِ فِي العاجل ومثاب عَلَيْهِ فِي الآجل كَمَا أَن المسخوط الْمُقَابل لَهُ لَيْسَ مَعْنَاهُ إِلَّا نقيض مَا ذَكرْنَاهُ فعلى هَذَا معنى قَوْله (لَا يحب الله الْجَهْر بالسوء من القَوْل) وَقَوله {لَا يحب الْفساد} وَقَوله {وَلَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر} أَنه غير ممدوح وَلَا مثاب عَلَيْهِ وَهَكَذَا تَأْوِيل كل مَا يرد من هَذَا الْقَبِيل
وَأما الْإِرَادَة فَإِنَّهَا قد تتَعَلَّق بالتكليف من الْأَمر والنهى وَقد تتَعَلَّق بالمكلف بِهِ أى إيجاده وإعدامه فَإِذا قيل إِن الشئ مُرَاد فقد يُرَاد بِهِ إِن التَّكْلِيف بِهِ هُوَ المُرَاد لاعينه وذاته وَقد يُرَاد بِهِ أَنه فِي نَفسه هُوَ المُرَاد أى إيجاده أَو إعدامه فعلى هَذَا مَا وصف بِكَوْنِهِ مرَادا وَلَا وُقُوع لَهُ فَلَيْسَ المُرَاد بِهِ إِلَّا التَّكْلِيف بِهِ فَقَط وَمَا قيل إِنَّه غير مُرَاد وَهُوَ وَاقع فَلَيْسَ المُرَاد بِهِ إِلَّا أَنه لم يرد التكيلف بِهِ فَقَط
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute