متغايرين وَإِلَّا لزم التَّعَدُّد فِي علم البارى تَعَالَى وَهُوَ محَال ثمَّ لَو قدر تعلقه بِغَيْرِهِ فَمَا الْمَانِع من أَن يكون ذَلِك مُخْتَصًّا بالكليات دون الجزئيات وَبِمَ الرَّد على من ابطل ذَلِك وَزعم أَنه لَو كَانَ علم البارى مُتَعَلقا بالجزئيات الكائنات الفاسدات لم يخل عِنْد تعلقه بهَا إِمَّا أَن يكون سَابِقًا عَلَيْهَا اَوْ حَادِثا ومتجددا بتجددها لَا جَائِز أَن يكون أوليا وَإِلَّا كَانَ ذَلِك جهلا لَا علما وَإِن كَانَ حَادِثا فَهُوَ إِمَّا أَن يكون فِي ذَاته اَوْ فِي غير ذَاته وعَلى كل تَقْدِير فَهُوَ محَال لما سبق وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إِمَّا أَن يكون الْعلم بالكائنات عبارَة عَن انطباع صورها فِي النَّفس أَو عبارَة عَن إِضَافَة تحصل بَينهَا وَبَينه فَإِن كَانَ الأول لزم أَن يكون ذَات وَاجِب الْوُجُود متجزئة لانطباع المتجزئ فِيهَا كَمَا يَأْتِي وَإِن كَانَ الثَّانِي فالعلم إِذْ ذَاك إِمَّا قديم أَو حَادث لَا جَائِز ان يكون قَدِيما وَإِلَّا لوَجَبَ أَن يكون الْحَادِث الَّذِي تعلق بِهِ قَدِيما لضَرُورَة أَن الْإِضَافَة لَا تحصل إِلَّا بَين شَيْئَيْنِ وَالْقَوْل بقدم الحادثات محَال وَإِن كَانَ حَادِثا فَهُوَ محَال أَيْضا كَمَا سبق
ومستند ضلال الْجَهْمِية فِي القَوْل بحدوث علم البارى تَعَالَى لَا فِي مَحل وتجدده بتجدد المعلومات وتكثره بتكثرها لَيْسَ إِلَّا هَذِه الخيالات والاعتماد على هَذِه التمويهات والكشف عَن وَجه الْحق فِيهَا مُتَوَقف على الِانْفِصَال عَنْهَا فَنَقُول
قد قدمنَا أَنه لَا بُد أَن يكون لَهُ علم وَمَا قيل من إِنَّه اما ان يكون بديهيا أَو نظريا فَإِنَّمَا ينفع أَن لَو تبين قبُوله لهَذَا الانقسام وَإِلَّا فَلَا وَمُجَرَّد الْقيَاس على الشَّاهِد فِي ذَلِك مِمَّا لَا يُفِيد كَمَا أسلفناه ثمَّ إِن البديهي لَا معنى لَهُ إِلَّا مَا حصل من غير نظر وَلَا دَلِيل وَلَا تصح مُفَارقَته أصلا وَهَذَا بِعَيْنِه مَا ثَبت للرب تَعَالَى وَإِن لم يَصح إِطْلَاق اسْم البديهة عَلَيْهِ من جِهَة الشَّرْع لعدم وُرُوده بِهِ فالمنازعة إِذا لَيست الا فِي إِطْلَاق اللَّفْظ لَا نفس الْمَعْنى وَلَا حَاصِل لَهُ اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يعْنى بالبديهية غير مَا ذَكرْنَاهُ