من السُّلْطَان وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ فِي نظر أهل الْعرف والوضع آمُر ويعد العَبْد بالمتثال مُطيعًا وبالإعراض عَاصِيا وَبِهَذَا ينْدَفع قَول الْقَائِل إِنَّه متوهم بِالْأَمر وَلَيْسَ بِأَمْر
ثمَّ إِن من الاحكام التكليفية مَا هُوَ مَأْمُور بِهِ بِالْإِجْمَاع من المعترفين بالتكاليف وَذَلِكَ كَالصَّلَاةِ وَالْحج وَنَحْوهمَا من الْعِبَادَات وَقد لَا يكون مرَادا لكَونه غير وَاقع وَلَو كَانَ مرَادا فالإرادة عبارَة عَن معنى يُوجب تَخْصِيص الْحَادِث بِزَمَان حُدُوثه فَلَو كَانَ الْمَعْنى الَّذِي يُوجب تَخْصِيصه بِزَمَان مَا متحققا لما تصور ان لَا يُوجد مُطلقًا وَلَا يُمكن أَن يُقَال بِكَوْنِهِ غير مَأْمُور لعدم تعلق الْإِرَادَة بِهِ إِذْ الْأمة مجمعة على وجوب نِيَّة الْفَرْضِيَّة فِي أول الصَّلَاة مَعَ جَوَاز الاخترام فِي وَسطهَا وَلَو لم يكن مَأْمُورا بهَا وَإِلَّا لَكَانَ الْقَصْد الْجَازِم إِلَى الْفَرْضِيَّة من الْعَالم بنفيها والمتشكك فِي وُقُوعهَا محالا بل وَمن عزم فِي اول الْوَقْت على فعل الصَّلَاة اَوْ غَيرهَا مِمَّا فرض من الْعِبَادَات فالأمة أَيْضا مجمعة على أَنه متقرب إِلَى الله تَعَالَى وَلَو لم يكن مَأْمُورا وَإِلَّا لَكَانَ التَّقَرُّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى محالا
وَمِمَّا يدل عَلَيْهِ مَا اشْتهر من قصَّة إِبْرَاهِيم من أمره بِذبح وَلَده مَعَ عدم تعلق الْإِرَادَة بِوُقُوعِهِ وَمَا قيل من أَن ذَلِك كَانَ مناما لَا أمرا وَأَن تعلق الْأَمر لم يكن إِلَّا بالعزم على الذّبْح اَوْ الاتكاء وإمرار السكين اَوْ أَن الذّبْح مِمَّا وَقع واندمل الْجرْح فمندفع إِذْ أَكثر الوحى إِلَى الْأَنْبِيَاء إِنَّمَا كَانَ مناما وَلَو لم يكن ذَلِك بطرِيق الوحى وَإِلَّا كَانَ إقدام النبى على فعل محرم مِمَّا لَا أصل لَهُ وَذَلِكَ محَال وَحمل الامر على غير الذّبْح من الْعَزْم اَوْ الاتكاء وإمرار السكين بَاطِل وَإِلَّا لما صَحَّ تَسْمِيَته بلَاء إِذْ لَا بلَاء فِيهِ وَتَسْمِيَة الذّبْح بلَاء لضَرُورَة وُقُوع الْمَأْمُور بِهِ وَبِه ينْدَفع القَوْل بتحقق وُقُوع الذّبْح أَيْضا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute