للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال رضي الله عنه: لو كشف عن نور المؤمن العاصي لطبق ما بين السماء والأرض فما ظنك بنور المؤمن المطيع. " تنبيه " وَأْمن يأأيها الأحمق، ويأأيها الجاهل، والفاجر، والسفيه من القيام لنفسك في وجه الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، والصولة عليه والغضب، لتضر نفسك، أو تتغير فيك جارحة تكون منافقاً بذلك جاحداً للأمر والنهي، بل تكون جباراً عنيداً، فإنك تقايس نفسك بنفسه فتجحد أمره ولا تعلم أنه فاسد لك في الأمر والنهي عن الله ورسوله بل تعرف له حقه في الحرمة والوقار والخضوع، والتذلل بين يديه وقبول أمره بالسمع والطاعة، بل تسرع إلى التوبة النصوح والرجوع إلى الله والندم ومتى فعلت بخلاف ذلك وقع بك المقت ولم تجد لك ولياً ولا نصيراً وتعلم أن الله ولى القائم بالحق، الآمر، الناهي عن الباطل وناصره لقوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم) فيجب عليك أن تعرف له حقه في وقت الأمر، وتستدرك فارطك في الساعة التى يأمرك مخافة أن يريك الشيطان بالغضب على من يأمرك، واعرف قدر منزلته فإن له حرمة القيام عن الله وعن رسوله وحرمة الغيرة لله، والغضب له، وهذه حرمات لا يعقل لها إلا من يريد الله له الخير، والرجوع إليه ألاترى إلى من يكون واقفاً بباب السلطان أو بباب والى بلدك، وأمرك بشيء لا يتعلق بالدين، بل بأمر الدنيا إما أن يأخذ مالك، أو يضرك في ولدك، أو عيالك هل تقدر على مخالفته، أو تقدر أن تجحد أمره، ونهيه؟! فكيف بمن يتكلم عن لسان الرسول الأعظم، وعن أمر ملك الملوك؟! كيف يقدر على المخالفة وما ذاك إلا لعظم غفلتك عن الله وعظم بليتك! فانظر إلى حرمة مخلوق، وإلى سرعة إجابتك له بالسمع والطاعة، وانظر إلى مخالفتك لمن يتكلم عن ملك الملوك وصولتك عليه، وجحودك لأمره ونهيه فاحذر من كثافة نفسك، وغفلة قلبك، واعرف حقوق من يقوم لله ولرسوله، ولولا ذلك لوقع البلاء بالخلق أى لولا القائم لله والأمر والنهي والنصح للخلق والموعظة لهم، ووصية بعضهم بعضاً لحل بهم مالا يعلمه إلا الله فنسأل الله العفو والعافية وأن يوفقنا لطاعته وأن يجنبنا معصيته إنه ولي التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبته وسلم.

[فصل]

[فيما ينبغي في مجلس الوعظ]

ينبغي ألا يخلو مجلس الوعظ من الزجر عن المعاصي. قال الشيخ أبو الفرج بن الجوزي: وما فيه زجر عن المعاصي ولقد تأملت هذا على نفسي فرأيت كثيراً من مجالسي كانت تمضي بين تفسير آية، وذكر خبر وحكايات الصالحين، وأهوال القيامة، وكل ذلك حسن غير أني لسلامة صدري كنت لا اعتقد في المسلمين كثرة الذنوب! والفواحش ولا أكاد أجري تحريم الزنا، ونحو ذلك فتفكرت فرأيت الأولى أن يكون جمهور المجلس في هذا فإن أكثرهم عوام، وهذه العلل فاشية فيهم، فماذا ينفعهم في قيام " سَرِىّ " طول الليل، وجوع " بِشْر الحافي " وزهد " مالك بن دينار "، وإن كان في ذكر ذلك نوع توبيخ للمفرطين، ولكن الأهم أن ينبغي أن يسلك فيكون عموم المجلس على التخويف في عواقب الذنوب والتشديد في النهي عنها فلا يخلو مجلس من شارب خمرٍ، ومعامل بالربا، وحريص على الزنا ثم نذكر شرطاً منه أيضاً في المراعاة للواجبات من أركان الصلاة والزكاة وغير ذلك، ثم يشار في الأخير إلى أحوال الصالحين لكل قوم مشروب، فإذا تقرر هذا يجب عليه أن يجتنب الرياسة ويحسن إلى زوجته وأولاده في توسيع الرزق فإن توسيع الرزق يزيد في العمر، ويصل الرحم، فإن الرحم تتعلق بالعرش، وتقول " أنا الرحم من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله ". وفي رواية: شجنة من الرحمن فقال الله عز وجل: " لأصلَنّ من وصلك ولأقطعن من قطعك ". فعليك بتغيير ما تنكر، وإنكار ما يُوجب الإنكار.

طريق العالم في تغيير المنكر:

<<  <   >  >>