قال شيخنا: اعلم أن مقامات التوبة عشرة: الندم على الذنب بالإقلاع، وترك العود فيه مع كثرة الاستغفار، والخروج من سائر الجهل بتعلم ما لابد منه من الواجبات، والانتقال من الصغيرة إلى الكبيرة، ورد المظالم وما لم يتهيأ له رده اعتقد رده. وإذا وجد ما يرد مكان المظلمة، واعتقاد مقت النفس. قال الفُضيل بن عياض رحمه الله: من مقت نفسه في الله أَمنه الله من مقته. ومنها ترك الشهوات والنقصان وتهجر أخوانك أصحاب السوء، وتصلح مطعمك وملبسك، وتكثر من البكاء والتضرع إلى الله تعالى في العفو عما مضى، وترك الأعمال التي تلحق الإنسان الذنوب في استعمالها وإلا لم تصح توبته. وكل توبة لا يُرى لها علامة على الجوارح فما أسرع رجعتها!! والعلامةُ نقصانٌ في الجسم، وقلة الطمع، وكثرة البكاء ويصحح ذلك قوله تعالى:(إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم) وكذا التائب يحتاج أن يتبين آثار توبته.
[بيان حقيقة التوبة:]
[علامة التوبة:]
اعلم أن حقيقة التوبة في القلب أن يبغض التائب الذنب كما كان يحبه، ويبكي منه إذا ذكره، ويتركه كما كان يأخذه.
[علامة الخذلان:]
ولكل شيء علامة، وعلامة الخذلان ترك البكاء على الذنب، وعلامة التائب في توبته الاستغفار لله وشدة الكمد، ومعنى الكمد، الخوف المستلزم، والناس في التوبة على خمس جهات: رجل متسوف، وامرأة متسوفة بالتوبة وقد اغتر بطول الأمل، فهذا هو المستوجب العقوبة من الله تعالى. ورجل تاب بقلبه إلا أن نفسه تدعوه إلى ما يكره الله تعالى؛ فهذا يحتاج إلى الأدب لها بالصوم، وقطع الشهوات حتى يُضعفها عما يكره الله تعالى، فإذا ضعفت قوى على مخالفتها؛ فهذا فائدته فالله تعالى يعطيه على قدر صدقه في مجاهدة نفسه. ورجل تائب مدمن المحاسبة قد قام على نفسه مقام الخصم خوفاً على طبعها الأول، فتسقط عن عين الله تعالى، ويظفر به عدوه إبليس وإخوان الشياطين؛ فهذا المستوجب لولاية الله تعالى. واعلم أن أعظم المقامات بعد التوبة الصلاة بشروطها وفروضها وسننها؛ فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم:" أول ما يحاسب الجل على صلاته، ثم بعد ذلك على نسائه وما ملكت يمينه إن أحسن عشرتهم وتعليمهم العبادة أحسن الله إليه ".