للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَرْب فَدلَّ ذَلِك الْعَاقِل على عجز الْقَوْم مَعَ كَثْرَة كَلَامهم واستحالة لغتهم وسهولة ذَلِك عَلَيْهِم وَكَثْرَة شعرائهم وخطبائهم لِأَن سُورَة وَاحِدَة وآيات يسيرَة كَانَت أنقض لقَوْله وافسد لأَمره وأسرع فِي تَفْرِيق أَتْبَاعه من بذل النُّفُوس وَالْخُرُوج من الاوطان وانفاق الْأَمْوَال وَقد اخْتلف النَّاس فِي الْوَجْه الَّذِي وَقع بِهِ إعجاز الْقُرْآن على أَقْوَال بينتها مبسوطة فِي كتاب الإتقان والملخص انه وَقع بعدة وُجُوه

مِنْهَا حسن تأليفه والتئام كَلمه وفصاحته ووجوه إعجازه وبلاغته الخارقة عَادَة الْعَرَب الَّذين هم فرسَان الْكَلَام وأرباب هَذَا الشَّأْن

وَمِنْهَا صُورَة نظمه العجيب والأسلوب الْغَرِيب الْمُخَالف لأساليب كَلَام الْعَرَب ومنهاج نظمها ونثرها الَّذِي جَاءَ عَلَيْهِ ووقفت عَلَيْهِ مقاطع آيَاته وانتهت إِلَيْهِ فواصل كَلِمَاته وَلم يُوجد قبله وَلَا بعده نَظِير لَهُ

وَمِنْهَا مَا انطوى عَلَيْهِ من الْأَخْبَار بالمغيبات وَمَا لم يكن فَوجدَ كَمَا ورد

وَمِنْهَا مَا أنبأ بِهِ من أَخْبَار الْقُرُون الْمَاضِيَة والشرائع السالفة مِمَّا كَانَ لَا يعلم مِنْهُ الْقِصَّة الْوَاحِدَة إِلَّا الْفَذ من أَحْبَار أهل الْكتاب الَّذِي قطع عمره فِي تعلم ذَلِك فيورده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على وَجهه وَيَأْتِي بِهِ على نَصه وَهُوَ أُمِّي لَا يقْرَأ وَلَا يكْتب

وَمِنْهَا مَا تضمنه من الْأَخْبَار عَن الضمائر كَقَوْلِه تَعَالَى {إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ مِنْكُم أَن تَفْشَلَا} وَقَوله تَعَالَى {وَيَقُولُونَ فِي أنفسهم لَوْلَا يعذبنا الله بِمَا نقُول}

وَمِنْهَا آي وَردت بتعجيز قوم فِي قضايا وإعلامهم أَنهم لَا يفعلونها فَمَا فعلوا وَلَا قدرُوا كَقَوْلِه فِي الْيَهُود (وَلنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدا)

وَمِنْهَا ترك الْمُعَارضَة مَعَ توفر الدَّوَاعِي وَشدَّة الْحَاجة

<<  <  ج: ص:  >  >>