فَسمع كَلَامه وَسَأَلَهُ عَن أَشْيَاء فَأَجَابَهُ فَأسلم وَرجع إِلَى قومه فَقَالَ قد سَمِعت تَرْجَمَة الرّوم وهينمة فَارس وأشعار الْعَرَب وكهانة الكاهن وَكَلَام مقاول حمير فَمَا يشبه كَلَام مُحَمَّد شَيْئا من كَلَامهم فأطيعوني وخذوا بنصيبكم مِنْهُ فقدموا عَام الْفَتْح فأسلموا وهم سَبْعمِائة وَقيل كَانُوا ألفا
[فصل]
أجمع الْعُقَلَاء على أَن كتاب الله تَعَالَى معجز لم يقدر أحد على معارضته مَعَ تحديهم بذلك قَالَ الله تَعَالَى {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله} فلولا ان سَمَاعه حجَّة عَلَيْهِ لم يقف امْرَهْ على سَمَاعه وَلَا يكون حجَّة الا وَهُوَ معْجزَة وَقَالَ تَعَالَى {وَقَالُوا لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ آيَات من ربه قل إِنَّمَا الْآيَات عِنْد الله وَإِنَّمَا أَنا نَذِير مُبين} اَوْ لم يَكفهمْ انا انزلنا عَلَيْك الْكتاب يُتْلَى عَلَيْهِم فَأخْبر ان الْكتاب آيَة من آيَاته كَاف فِي الدّلَالَة قَائِم مقَام معجزات غَيره وآيات من سواهُ من الْأَنْبِيَاء وَقد جَاءَهُم بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانُوا أفْصح الفصحاء ومصاقع الخطباء وتحداهم على ان يَأْتُوا بِمثلِهِ وأمهلهم طول السنين فَلم يقدروا وَكَانُوا احرص شَيْء على إطفاء نوره وإخفاء أمره فَلَو كَانَ فِي مقدرتهم معارضته لعدلوا إِلَيْهَا قطعا للحجة وَلم ينْقل عَن اُحْدُ مِنْهُم انه حدث نَفسه بِشَيْء من ذَلِك وَلَا رامه بل عدلوا إِلَى العناد تَارَة وَإِلَى الِاسْتِهْزَاء اخرى فَتَارَة قَالُوا سحر وَتارَة قَالُوا شعر وَتارَة قَالُوا أساطير الْأَوَّلين كل ذَلِك من التحير والانقطاع ثمَّ رَضوا بتحكيم السَّيْف فِي أَعْنَاقهم وَسبي ذَرَارِيهمْ وحرمهم واستباحة اموالهم وَقد كَانُوا آنف شَيْء وأشده حمية فَلَو علمُوا ان الْإِتْيَان بِمثلِهِ فِي قدرتهم لبادروا إِلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ أَهْون عَلَيْهِم
قَالَ الْحَافِظ بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكثر مَا كَانَت الْعَرَب شَاعِرًا وخطيبا وَأحكم مَا كَانَت لُغَة وَأَشد مَا كَانَت عدَّة فَدَعَا أقصاها وَأَدْنَاهَا إِلَى الْمُعَارضَة ثمَّ نصب لَهُم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute