للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقد كنت قلت هَذَا الْكَلَام أَولا استنباطا من هَذَا الحَدِيث من غير أَن أَقف عَلَيْهِ فِي كَلَام أحد من الْعلمَاء ثمَّ رَأَيْت الْبَدْر بن الصاحب أَشَارَ إِلَيْهِ فِي تَذكرته وَوجدت من شواهده حَدِيث السَّارِق الَّذِي أَمر بقتْله وَالْمُصَلي الَّذِي أَمر بقتْله وَقد تقدم فِي بَاب المغيبات

زِيَادَة إِيضَاح لهَذَا الْبَاب

فقد أشكل فهمه على قوم وَلَو تأملوا لاتضح لَهُم المُرَاد بالشريعة وَالْحكم بِالظَّاهِرِ وبالحقيقة الحكم الْبَاطِن وَقد نَص الْعلمَاء على أَن غَالب الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام بعثوا ليحكموا بِالظَّاهِرِ دون مَا اطلعوا عَلَيْهِ من بواطن الْأُمُور وحقائقها وَبعث الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام ليحكم بِمَا اطلع عَلَيْهِ من بواطن الْأُمُور وحقائقها وَلَكِن الأنبيا لم يبعثوا بذلك أنكر مُوسَى عَلَيْهِ قَتله الْغُلَام وَقَالَ لَهُ {لقد جِئْت شَيْئا نكرا} لِأَن ذَلِك خلاف الشَّرْع فَأَجَابَهُ بِأَنَّهُ أَمر بذلك وَبعث فَقَالَ وَمَا فعلته عَن أَمْرِي وَهَذَا معنى قَوْله لَهُ إِنَّك على علم إِلَى أَخّرهُ

قَالَ الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ فِي شرح البُخَارِيّ المُرَاد بِالْعلمِ التَّنْفِيذ وَالْمعْنَى لَا يَنْبَغِي لَك أَن تعلمه لتعمل بِهِ لن الْعَمَل بِهِ منَاف لمقْتَضى الشَّرْع وَلَا يَنْبَغِي أَن اعلمه فاعمل بِمُقْتَضَاهُ لِأَنَّهُ منَاف لمقْتَضى الْحَقِيقَة قَالَ فعلى هَذَا لَا يجوز للْوَلِيّ التَّابِع للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اطلع على حَقِيقَة أَن ينفذ ذَلِك بِمُقْتَضى الْحَقِيقَة وَإِنَّمَا أَن ينفذ الحكم الظَّاهِر انْتهى

وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي الأصابه قَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَفْسِيره الجهور على أَن الْخضر نَبِي وَكَانَ علمه معرفَة بواطن أوحيت إِلَيْهِ وَعلم مُوسَى الجكم الظَّاهِر فَأَشَارَ إِلَى أَن المُرَاد فِي الحَدِيث بالعلمين الحكم بالباطن وَالْحكم بِالظَّاهِرِ لَا أَمر آخر

<<  <  ج: ص:  >  >>