وَاحِدًا وَهُوَ تشريف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير أَن يكون هُنَاكَ ذَنْب وَلكنه أُرِيد أَن يستوعب فِي الْآيَة جَمِيع أَنْوَاع النعم من الله على عباده الأخروية وَجَمِيع النعم الأخروية شَيْئَانِ سلبية وَهِي غفران الذُّنُوب وثبوتية وَهِي لَا تتناهى أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله تَعَالَى {وَيتم نعْمَته عَلَيْك} وَجَمِيع النعم الدُّنْيَوِيَّة شَيْئَانِ دينية أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله {ويهديك صراطا مُسْتَقِيمًا} ودنيوية وَهِي قَوْله تَعَالَى {وينصرك الله نصرا عَزِيزًا} فانتظم بذلك تَعْظِيم قدر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإتمام أَنْوَاع نعم الله إِلَيْهِ المتفرقه فِي غَيره وَلِهَذَا جعل ذَلِك غَايَة لِلْفَتْحِ الْمُبين الَّذِي عظمه وفخمه بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ بنُون العظمة وَجعله خَاصّا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله لَك
قَالَ وَقد سبق إِلَى نَحْو هَذَا إِبْنِ عَطِيَّة فَقَالَ وَإِنَّمَا الْمَعْنى التشريف بِهَذَا الحكم وَلم تكن ذنُوب الْبَتَّةَ ثمَّ قَالَ وعَلى تَقْدِير الْجَوَاز لَا شكّ وَلَا ارتياب أَنه لم يَقع مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَيف يتخيل خلاف ذَلِك {وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} فاما الْفِعْل فاجماع الصَّحَابَة على اتِّبَاعه والتأسي بِهِ فِي كل مَا يَفْعَله من قَلِيل أَو كثير وصغير أَو كَبِير لم يكن عِنْدهم فِي ذَلِك توقف وَلَا بحث حَتَّى أَعماله فِي السِّرّ وَالْخلْوَة يحرصون على الْعلم بهَا وعَلى اتباعها علم بهم أَو لم يعلم وَمن تَأمل أَحْوَال الصَّحَابَة مَعَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استحي من الله أَن يخْطر بِبَالِهِ خلاف ذَلِك انْتهى