للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معي كل عز قد عصى عازلاته ... بوصل الغواني من لدن أن ترعرعا

إذا راح يمشي في الرداءين أسرعت ... إليه العيون الناظرات التطلعا

قال: ثم سقط مغشياً عليه فتمثلت بقوله:

يا دار ليلى قد درست ... إلا الثمام وإلا موقد النار

ما تفتأ الدار من ليلى تموت كذا ... في موقف وقفته أو على دار

أبلى عظامك بعد اللحم ذكركها ... كما ينحت قدح الشوحط الباري

فرفع رأسه إليّ وقال: من أنت حياك الله، فقلت أنا نوفل بن مساحق، فحياني فقلت له: ما أحدثت بعدي في يأسك منها، فأنشدني يقول:

ألا حجبت ليلى وآلى أميرها ... عليَّ يميناً جاهداً لا أزورها

وأوعدني فيها رجال أبوهم ... أبي وأبوها خشنت لي صدورها

على غير جرم غير أني أحبهاوإن فؤادي رهنها وأسيرها ثم قال: سنحت له ظباء فقام في أثرها حتى لحقها فمضى معها:

حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثني علي بن الصباح عن إبن الكلبي قال لما قال مجنون بني عامر: قضاها لغيري وأبتلاني بحبها فهلا بشيء غير ليلى إبتلانيا نودي في الليل أنت المتسخط لقضاء الله والمعترض في أحكامه، وأختلس عقله فتوحش منذ تلك الليلة وذهب مع الوحش على وجهه. وهذه القصيدة التي قال فيها هذا البيت من أشهر أشعاره، والصوت المذكور بذكره أخبار المجنون ههنا منها وفيها أيضاً عدة أبيات يغني فيها.

فمن ذلك قال:

أعد الليالي ليلة بعد ليلة ... وقد عشت دهراً أعد اللياليا

أراني إذا صليت يممت نحوها ... بوجهي وإن كان المصلى ورائيا

وما بي إشراكٌ ولكن حبها ... كعود الشجا أعيا الطبيب المداويا

أحب من الأسماء ما وافق إسمها ... وأشبهه أو كان منه مدانيا

وقال:

وخبرتماني أن تيماء منزل ... لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا

فهذي شهور الصيف عني قد إنقطعت ... فما للنوى يرمي بليلى المراميا

وقال:

فلو كان واشٍ باليمامة بيته ... وداري بأعلى حضرموت إهتدى ليا

وماذا لهم لا أحسن الله حفظهم ... من الحظ في صريم ليلى حباليا

فأنت الذي إن شئت أشقيت عيشتي ... وإن شئت بعد الله أنعمت باليا

وأنت الذي ما من صديق ولا عدى ... يرى نضو ما أبقيت إلا رثى ليا

أمضروبة ليلى على أن أزورها ... ومتخذ ذنباً لها أن ترانيا

إذا سرت في الأرض الفضاء رأيتني ... أصانع رجلي أن تميل حياليا

يميناً إذا كانت يميناً وإن تكن ... شمالاً ينازعني الهوى عن شماليا

أحب من الأسماء ما وافق إسمها ... وأشبهه أو كان منه مدانيا

هي السحر إلا أن للسحر رقيةً ... وإني لا ألفي لها الدهر راقيا

وأنشد أبو نصر للمجنون وفيه غناء وقال:

تكاد يدي تندى إذا ما لمستها ... وينبت في أطرافها الورق الخضر

أبا القلب إلا حبها عامرية ... لها كنية عمرو وليس لها عمرو

الغناء لعريب ثقيل أول، وذكر الهشامي أن فيه لإسحق خفيف ثقيل.

أخبرني محمد إبن مزيد بن أبي الأزهر قال: حدثنا حماد بن إسحق عن أبيه عن الهيثم بن عدي قال: أنشدني جماعة من بني عقيل للمجنون يرثي أباه ومات قبل إختلاطه وتوحشه فعقر على قبره ورثاه بهذه الأبيات:

عقرت على قبر الملوح ناقتي ... بذي السرح لما أن جفته أقاربه

وقلت لها كوني عقيراً فإنني ... غداة غد ماش وبالأمس راكبه

فلا يبعدنك الله يا إبن مزاحم ... وكل أمريء فالموت لا بد شاربه

فقد كنت طلاّع النجاد ومعطي الجياد وسيفاً لا تفل مضاربه

أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال:

<<  <   >  >>