للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فقام عتبة إليه فناشده أن لا يزيد ومنع من كان يجلس إلى إبن مناذر من حضور حلقته وجلس هو بعيداً من إبن مناذر بعد ذلك.

حدثني عمي قال: حدثنا الكراني قال: حدثنا عيسى إبن إسمعيل تينة قال: كان لإبن مناذر جار يقال له إبن عمير من المعتزلة كان يسعى بإبن مناذر إليهم ويسبه ويذكره بالفسق ويغريهم به فقال يهجوه:

بنو عمير مجدهم دارهم ... وكل قوم فلهم مجد

كأنهم قفع بدوية ... وليس لهم قبل ولا بعد

بث عمير لؤمه فيهم ... فكلهم من لؤمه جعد

وأخبرني بهذا الخبر احسن بن علي عن إبن مهرويه عن النوفلي بمثله وزاد فيه وعبد الله بن عمير أبو هؤلاء الذين هجاهم أخو عبد الله بن عامر لأمه أمّهما دجاجة بنت إسماعيل بن السلط السلمي.

أخبرني هاشم بن محمد قال: حدثنا بن أسد قال: كان إبن مناذار من أحضر الناس جواباً. قال له رجل. ما شأنك قال: عظم في أنفي قال وسأله رجل يوماً: ما الجرباء، فأومأ بيده إلى الأرض، قال هذه يهزأ به وإنما الجرباء السماء.

أخبرني أحمد بن العباس العسكري المؤدب قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال: حدثني جعفر بن محمد بن دماذ قال: دار بين الخليل بن أحمد وبين إبن مناذر كلام فقال له الخليل: إنما أنتم معشر الشعراء تبع لي وأنا سكان السفينة إن قرظتكم ورضيت قولكم نفقتم وإلا كسدتم، فقال إبن مناذر: والله لأقولن في الخليفة قصيدة أمتدحه بها ولا أحتاج إليك فيها عنده ولا إلى غيرك.

فقال في الرشيد قصيدة التي أولها:

ما هيّج من مطوقة ... أوفت على بانة تغنينا

يقول فيها:

لو سألنا بحسن وجهك يا ... هرون صوب الغمام أسقينا

قال: وأراد أن يغربها إلى الرشيد فلم يلبث أن قدم الرشيد البصرة حاجاً ليأخذ على طريق النباج وهو كان الطريق قديماً فدخلها وعديله إبراهيم الحراني تحمل عليه إبن مناذر بعثمان بن الحكم الثقفي وأبي بكر السلمي حتى أوصلاه إلى الرشيد فأنشده إياها، فلما بلغ آخرها كان فيها بيت يفتخر فيه وهو:

قومي تميم عند السماك لهم ... مجد وعز فما ينالونا

فلما أنشده هذا البيت تعصب عليه قوم من الجلساء فقال له بعضهم يا جاهل، أتفخر في قصيدة مدحت بها أمير المؤمنين، وقال آخر: هذه حماقة بصرية، فكفهم عنه الرشيد ووهب له عشرين ألف درهم.

أخبرني علي بن سليمان قال: حدثنا محمد بن يزيد قال: حدثني سهيل السلمي أن الرشيد إستسقى في سنة قحط فسقى الناس فسرّ بذلك وقال: لله درّ أبن مناذر حيث يقول:

ولو سألنا بحسن وجهك يا ... هرون صوب الغمام أسقينا

وسأل عن خبره فأخبر أنه بالحجاز فبعث إليه بجائزة.

وأخبرني الحسن بن علي قال: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثني محمد المهلي قال: شهد بكر بن بكار عند عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن الحر العنزي بشهادة، فتبسم ثم قال له: يا بكر مالك ولإبن مناذر حيث يقول:

أعوذ بالله من النار ... ومنك يا بكر بن بكار

فقال: أصلح الله القاضي ذاك رجل ماجن خليع لا يبالي ما قال، فقال له صدقت وزاد بسمه وقبل شهادته، وقام كر وقد تشوّر وخجل.

قال العنزي: فحدثني أبو غسان دماذ قال: أنشدني إبن مناذر هذا الشعر الذي قاله في بكر بن بكار وهو:

أعوذ بالله من النار ... ومنك يا بكر بن بكار

يا رجلاً ما كان فيما مضى ... لآل حران يزوار

ما تبرح الدار على سوأة ... تطرح حباً للخشنشار

يا معشر الأحداث يا ويحكم ... تعوّذوا بالخالق الباري

من حرية نيطت على حقوه ... يسعى بها كالبطل الشاري

يوم تمنى أن في كفه ... أير أبي الخضر دينار

قال إبن مهرويه في خبره: والخشنشار هو الزيادي المحدث ويكنى أبو الخضر وكان جميل الوجه.

وقال العنزي في حديثه: حدثني إسحق بن عبد الله الجراني وثد سألته عن معنى هذا الشعر فقال: الخشنشار غلام أمرد جميل الوجه كان في محلتنا وهذا لقبه، وكان بكر بن بكار يتعشقه فكان يجيء إلى أبي فيذاكره الحديث ويجالسه وينظر إلى الخشنشار.

قال العنزي: حدثني عمر بن شبة قال:

<<  <   >  >>