بلغني أن عبيد الله بن الحسن لقي إبن مناذر فقال له: ويحك، ما أردت إلى بكر بن بكار ففضحته وقلت فيه قولاً لعلك لم تتحققه، فبدأ إبن مناذر يحلف له بيمين ما سمعت قط أغلظ منها. أن الذي قاله في بكر شيء يقوله معه كل من يعرف بكراً ويعرف الخشنشار ويجمع عليه ولا يخالفه.
فأنصرف عبيد الله مغموماً بذلك وقد بان عليه، فلما بعد عنا قلت لإبن مناذر بريء الله منك، ويلك ما أكذبك، كل من يعرف بكر بن وائل يقول فيه مثل قولك حتى حلفت بهذه اليمين، فقال: سخنت عينك، فإذا كنت أعمى القلب أي شيء أصنع، أفتراني كنت أكذب نفسي عند القاضي، إنما موّهت عليه حلفت له إن كل من يعرفهما يقول مثل قولي وغنيت ما إبتدأت به من الشعر وهو قوله: أعوذ بالله من النار، أفتعرف أنت أحد يعرفهما أو يجهلهما، ألا يقول كما قلت: أعوذ بالله من النار إنما موهت على القاضي وأردت تحقيق قولي عنده.
قال مؤلف هذا الكتاب: وبكر بن بكار رجل محدث قد روى عن ورقاء عن إبن أبي نجيح مجاهد وروى حديثاً صالحاً.
أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا بكر بن بكار عن عبد الله بن المحرز عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: زينوا القرآن بأصواتكم.
أخبرني الحسن بن علي قال: حدثنا إبن مهرويه قال: حدثني الأخوص بن المفضل البصري قال: حدثنا إن معاوية الزيادي وأبوه الخشنشار الذي يقول فيه إبن مناذر: تطرح حباً للخشنشار. قال: حدثني مَن لقي إبن مناذر مكة فقال: ألا تشتاق إلى البصرة، فقال له: أخبرني عن شمس الوزانين أعلى حالها. قال نعم، قال وفيق بن يوسف الثقفي حي قال نعم قال فغسان بن الفضل الغلابي حي قال نعم قال لا واله لا دخلتها ما بقي واحد من الثلاثة. قال وشمس الوزانين في طرف المربد يحضره مسجد الأنصاري في موضع حيطانه قصار لا تكاد الشمس تفارقه.
أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: كان محمد بن عبد الوهاب الثقفي أخو عبد المجيد يعادي حمد بن مناذر بسبب ميله إلى أخيه عبد المجيد، وكان إبن مناذر يهجوه ويسبه ويقطعه وكل واحد منهما يطلب لصاحبه المكروه ويسعى عليه، فلقي محمد بن عبد الوهاب إبن مناذر في مسجد البصرة ومعه دفتر فيه كتاب العروض بدوائره ولم يكن محمد بن عبد الوهاب يعرف العروض، فجعل يلحظ الكتاب ويقرؤه فلا يفهمه وإبن مناذر متغافل عن فعله، ثم قال له: ما في كتابك هذا، فخبأه في كمه وقال: وأي شيء عليك مما فيه فتعلق به ولبيه، فقال له إبن مناذر: يا أبا الصلت الله الله في دمي. وطمع فيه وصاح: يا زنديق في كمك الزندقة، فأجتمع الناس إليه فأخرج الدفتر من كمه وأراه إياه فعرفوا براءته مما قذفه به ووثبوا على محمد بن عبد الوهاب وأستخنوا به فأنصرفوا ووثب يجري.
وقال إبن مناذر يهجوه:
إذا أنت تعلقت ... بحبل من أبي الصلت
تعلقت بحبل وا ... هن القوة منبت
إذا ما بلغ المجد ... ذوو الأحساب بللت
تقاصرت عن المجد ... بأمر رائب شخت
فلا تسمو إلى المجد ... فما أمرك بالثبت
ولا قرعك في العيدا ... ن عود ناضر البكت
وما يبقى لكم ياقو ... م من أثلتكم تحت
فها فأسمع قريضاً من ... رقيق حسن النعت
يقول الحق إن قال ... ولا يرميك بالبهت
وفي نعت لوجعاء ... قد إسترخت من ألفت
فعندي لك مأبو ... ن مثل الفالح البحت
عتلّ يعمل الكوم ... من السبت إلى السبت
له فيشله إن أد ... خلت واسعة الخرت
وإلا فأطل وجعاء ... ك بالخضخاض والزفت
الم يبلغك تسآلي ... لدى العلامة المرت
فقال الشيخ سرجويه داء المرء من تحت
نخذ من ورق الدفلا ... وخذ من ورق القت
وخذ من جعد كيسان ... ومن أظفار نسخت
فغرغره به واسعط ... بذا في دائه أفتى