للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ونسخت لقب أبي عبيدة وهو إسم اليهود لقب به تعريضاً بأن جدّه كان يهودياً، وكان أبو عبيدة وسخاً طويل الأظفار أبداً والشعر، وكان يغضب من هذا اللقب، فأخبرني الحسن بن علي عن إبن مهرويه عن علي بن محمد النرفلي.

قال لما قال إبن مناذر هذه الأبيات:

إذا أنت تعلقت ... بحبل من أبي الصلت

تعلقت بحبل وا ... هن القوة منبت

وقال الشيخ سرجويه داء ... المرء من تحت

فبلغ ذلك سرجويه جاء إلى محمد بن عبد الوهاب وقف عليه في مجلسه وعنده جماعة من أهله وإخوانه وجيرانه فسلم عليه وكان أعجمياً لا يفصح، ثم قال له: بركت من نكفتم آن يسر مناذر كفت داء المرء من تحت؛ كاد القوم أن يفتضحوا من الضحك وصح به محمد: أغرب قبحك الله، فظن أنه لم يقبل عذره فأقبل له مجتهداً ما قال ذاك ومحمد يصيح به: ويلك أغرب عني وهو في الموت منه، وكلما زاده من الصياح إليه زاده في العذر وأجتهد في الإيمان وضحك الناس حتى غلبوا، وقام محمد فدخل منزله وتفرقوا.

قال أبو الحسن النوفلي: ثم لذلك زمان وهجا أبو نعامة أبو عد الله هريسة الكاتب فقال فيه:

وروى شيخ تميم ... خالد أن هريسه

يدخل الأصلع ذا الخر ... جين في جوف الكنيسه

فلقي خالد بن الصباح هذا هريسة وكان يعاديه وأراد أن يخجله فحلف له مجتهداً أنه لم يقل ما قاله أبو نعامة، فقال هريسة: يا بارد، لم ترد أن تعتذر إنما أردت أن تتشبه بإبن مناذر ومحمد بن عبد الوهاب وبأبي الشمقمق وأحمد بن المعذل ولست من هؤلاء ولست من هؤلاء في شيء.

قرأت في بعض الكتب عن إبن أبي سعد قال: حدثني أبو الخطاب الحسن بن محمد عن محمد بن إسحق البلخي قال: دخلت على إبن مناذر يوماً وعنده رجل ضرير جلس عن يمينه ورجل بصير جالس عن شماله ساكت لا ينطق قال فقلت له ما خبرك فقال: بين أعمى وأخرس أخرس الله لسان الأعمى وأعمى البصيرا قال: فوثبا فخرجا من عنده وهما يشتمانه ونسخت من كتاب إبن أبي الدنيا.

حدثني أبو محمد التيمي قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله عن الحسن بن علي قال: كنا عند باب سفيان بن عيينة وقد هرب منا وعنده الحسن ن علي التختاخ ورجل من الحجبة ورجل من أصحاب الرشيد فدخل بهم وليس يأذن لنا فجاء إبن مناذر فقرب من الباب ثم رفع صوته فقال:

بعمرو وبالزهري والسلف الأو ... لى بهم ثبتت وجلاك عند المقاوم

جعلت طوال الدهر يوماً لصالح ... ويوماً لصباح ويوماً لحاتم

وللحسن التختخاخ يوماً ودونهم ... خصصت جرت إلا لأخذ الدراهم

فخرج سفيان وفي يده عصا وصاح: خذوا الفاسق، فهرب إبن مناذر منه وأذن لنا فدخلنا.

أخبرني الحسن بن علي قال: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدثني أبو بكر المؤدب قال: حدثني محمد ن قدامة قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول لإبن مناذر: يا أبا عبد الله، ما بقي أحد غيرك، وكأني بك قدمت فرثيتني. فلما مات بن عيينة قال إبن مناذر يرثيه:

راحوا بسفيان على نعشه ... والعلم مكسوين أكفانا

أن الذي غوّر بالمنحنى ... هدّ من الإسلام أركانا

لا يبعدنك الله من ميت ... ورثنا علماً وأحزانا

أخبرني احمد بن عبيد الله بن عمار قال: حدثني أحمد إبن أبي شيخ قال: حدثني شيخ من أهل الكوفة يقال له عوّام قال: سمعت سفيان بن عيينة وقد تكلم بكلام إستحسن فسأله محمد بن مناذر أن يمليه عليه فتبسم سفيان وقال له: هذا كلام سمعتك تتكلم به فأستحسنته فكتبته عنك قال وعلى ذلك أحب أن تمليه عليّ إذا رويته عنك كان أنفق له من أن أنسبه إلى نفسي.

قال عوام: وأنشدني إبن عائشة لإبن مناذر يرثي سفيان إبن عيينة بقوله:

يجني من الحكمة نوارها ... ما تشتهي الأنفس ألوانا

يا واحد الأمة في علمه ... لقيت من ذى العرش غفرانا

راحوا بسفيان على نعشه ... والعلم مكسوين أكفانا

أخبرني علي بن سليمان قال: حدثنا محمد ن يزيد عن محمد بن عامر الحنفي قال:

<<  <   >  >>