فَلَمَّا توجه إِلَى الشَّام وَمَعَهُ أُمَرَاء خفاجة أوصلوه قَرِيبا من حمص وفارقوه بعد مَا خلع عَلَيْهِم وَأكْرمهمْ وسألوه أَن يعطيهم الْغُرَاب فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاه فجعلوه فِي قفص فَلَمَّا رجعُوا إِلَى جِهَة الْعرَاق طَار الطَّائِر من القفص وَمضى فَلَمَّا وصل خشترين إِلَى ثية الْعقَاب مَا أحس إِلَّا والطائر قد سقط عَلَيْهِ وَنزل على بعض جمال الرجل فتعجب من ذَلِك وَكتب بِهَذِهِ الْحَال إِلَى الْحَمَوِيّ فَأَعْرض كِتَابه على أستاذ الدَّار فتعجب من ذَلِك
وفيهَا مَاتَ فَخر الدولة بن الْمطلب وَكَانَ رجلا صَالح أوحد زَمَانه وَكَانَ مَعَ ذَلِك زاهدا كثير الْعِبَادَة وَكَانَ يعْتَكف نصف السّنة لَا يخرج إِلَى أحد وَلَا يجْتَمع بِأحد وَكَانَ كثير المَال والأملاك والضياع وَعمر مدرسته الْمَعْرُوفَة بدار الذَّهَب وَسلمهَا إِلَى جمال الدّين بن فضلان الشَّافِعِي وأوقف عَلَيْهَا وَقفا حرا مَا يكون محصوله فِي كل سنة ألفا وَخَمْسمِائة دِينَار إمامية وَعمر رِبَاطًا للصوفية مجاورا لمدرسته وأوقف عَلَيْهِ جملَة كَثِيرَة وَعمر جَامعا كَبِيرا فِي الْجَانِب الغربي من مَدِينَة السَّلَام وَغرم عَلَيْهِ حدودا من ثَلَاثِينَ ألف دِينَار وأوقف عَلَيْهِ وقوفا كَبِيرَة وَجعل الْولَايَة وَالْوَصِيَّة إِلَى جلال الدّين بن البُخَارِيّ نَائِب الوزارة وأوقف عدَّة نواحي وبساتين على ابْنَته وَلم يكن لَهُ ولد سواهَا وَشرط عَلَيْهَا إِن تزوجت لَا تسْتَحقّ شَيْئا من هَذَا الْوَقْف وأكد الْوَصِيَّة إِلَى نَائِب الوزارة بذلك وَحمل إِلَى جَامع الْقصر وَتقدم الْخَلِيفَة بفتحه لَهُ لِأَن جَامع الْقصر لَا يفتح لمَيت إِلَّا بِإِذن شرِيف وَحضر جَمِيع أَرْبَاب الدولة ونائب الوزارة وأستاذ الدَّار إِلَى الْمَقْصُورَة الشَّرِيفَة الَّتِي يُصَلِّي فِيهَا الْوَزير وَكَانَ أستاذ الدَّار وَاقِفًا فوقا