للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من النَّائِب وَهَذِه الْحَال لم تكن لأحد مِمَّن تقدم من أستاذية الدَّار أَن يترفع على نَائِب وزارة إِلَّا هَذَا لكَون الْمَذْكُور كَانَ غُلَامه واختياره ونائبه وَصلى عَلَيْهِ الشَّيْخ أَبُو طَالب الْمُبَارك صَاحب ابْن الْخلّ وَحمل إِلَى الْجَانِب الغربي من بَغْدَاد وَدفن فِي جَامعه على الطَّرِيق من وَرَاء شباك الْجَامِع الْمَذْكُور

وَكَانَ النَّاس بِبَغْدَاد يتأسفون عَلَيْهِ شاكرين لطريقته وَحسن سيرته وإعراضه عَن الدُّنْيَا بعد أَن أَقبلت عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كلف أَن يكون وزيرا مرَارًا وَكَانَ رَحمَه الله حسن الِاعْتِقَاد كَبِير الإمدادات لأرباب البيوتات وَكَانَ كَبِير والخشونة فِي الْخطاب لأرباب الدولة حَتَّى إِنَّه حكى عَنهُ أَنه كَانَ عِنْده يَوْمًا وَقد دخل إِلَيْهِ نقيب النُّقَبَاء على الهاشميين يُقَال لَهُ ابْن الروال وَكَانَ يلقب بأمين الدّين فعثر فِي ثَوْبه فَقَالَ لَهُ فَخر الدولة أَرض دَاري تأبى أَن تدوسها أَو تجئ إِلَيْهَا وَأَنت مَا تَنْقَطِع وَكَانَ يعرف ذَلِك مِنْهُ ويحتمله

وَذكر أَيْضا أَنه كَانَ عِنْده وَقد حضر زعيم الدّين بن النَّاقِد وَهُوَ حِينَئِذٍ نَاظر الْخَاص وَكَانَ قبل ذَلِك حَاجِب الْبَاب فَسلم عَلَيْهِ وَأخذ يشكو من الْوَقْت وضيقته فَقَالَ لَهُ

وَالله لَو أَن الخيوط الَّتِي فِي رَأسك تعْمل سلسلة فِي الجسر لبقى ألفي سنة من شدَّة حماقتك وَإِلَّا لَو بِعْت هَذَا المقيار الذَّهَب وَالثيَاب الَّذِي عَلَيْك والمماليك وَالْخَيْل ولبست جُبَّة صوف وقنعت وأزلت هَذَا الْحمق عَنْك مَا كنت تحْتَاج إِلَى هَذِه الشكوى وَلَكِن دُخان المشاعل ورائحة الشمع إِذا تعلق بِأم الدِّمَاغ لَا يُزِيلهُ إِلَّا مَا تعلم وَكَانَ هَذَا بِمحضر من جمَاعَة

وَكَانَ ابْن النَّاقِد هَذَا زعيم الدّين ذَا منزلَة عَظِيمَة وَصَارَ صَاحب مخزن

<<  <   >  >>