للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِحَمْدِهِ أَنه لَا يذم فَصَحِيح وَإِن أَرَادَ أَنه يثني عَلَيْهِ بذلك وَيُحب عَلَيْهِ وَيسْتَحق الثَّوَاب فَغير صَحِيح فَإِن النَّاس لَا يحْمَدُونَ المحبوب على ترك الزِّنَا وَلَا الْأَخْرَس على عدم الْغَيْبَة والسب وَإِنَّمَا يحْمَدُونَ الْقَادِر الْمُمْتَنع عَن قدرَة وداع إِلَى الْفِعْل وَقَول القَاضِي الْإِبْقَاء على الْعَدَم الْأَصْلِيّ مَقْدُور فَإِن أَرَادَ بِهِ كف النَّفس ومنعها فَصَحِيح وَإِن أَرَادَ مجرّد الْعَدَم فَلَيْسَ كَذَلِك وَهَذَا يتَبَيَّن بِالْوَجْهِ الثَّالِث عشر وَهُوَ أَن الْأَمر بالشَّيْء نهي عَن ضِدّه من طَرِيق اللُّزُوم الْعقلِيّ لَا الْقَصْد الطلبي فَإِن الْأَمر إِنَّمَا مَقْصُود فعل الْمَأْمُور فَإِذا كَانَ من لوازمه ترك الضِّدّ صَار تَركه مَقْصُودا لغيره وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي مَسْأَلَة الْأَمر بالشَّيْء هَل هُوَ نهي عَن ضِدّه أم لَا فَهُوَ نهي عَنهُ من جِهَة اللُّزُوم لَا من جِهَة الْقَصْد والطلب وَكَذَلِكَ النَّهْي عَن الشَّيْء مَقْصُود الناهي بِالْقَصْدِ الأول الِانْتِهَاء عَن الْمنْهِي عَنهُ وَكَونه مشتغلا بضده جَاءَ من جِهَة اللُّزُوم الْعقلِيّ لَكِن إِنَّمَا نهى عَمَّا يضاد مَا أَمر بِهِ كَمَا تقدم فَكَأَن الْمَأْمُور بِهِ هُوَ الْمَقْصُود بِالْقَصْدِ الأول فِي الْمَوْضِعَيْنِ

وحرف الْمَسْأَلَة أَن طلب الشَّيْء طلب لَهُ بِالذَّاتِ وَلما هُوَ من ضَرُورَته باللزوم وَالنَّهْي عَن الشَّيْء طلب لتَركه بِالذَّاتِ ولفعل مَا هُوَ من ضَرُورَة التّرْك باللزوم وَالْمَطْلُوب فِي الْمَوْضِعَيْنِ فعل وكف وَكِلَاهُمَا أَمر وجودي الْوَجْه الرَّابِع عشر أَن الْأَمر وَالنَّهْي فِي بَاب الطّلب نَظِير النَّفْي وَالْإِثْبَات فِي بَاب الْخَبَر والمدح وَالثنَاء لَا يحصلان بِالنَّفْيِ الْمَحْض إِن لم يتَضَمَّن ثبوتا فَإِن النَّفْي كاسمه عدم لَا كَمَال فِيهِ وَلَا مدح فَإِذا تضمن ثبوتا صَحَّ الْمَدْح بِهِ كنفي النسْيَان المستلزم لكَمَال الْعلم وَبَيَانه وَنفي اللغوب والإعياء والتعب المستلزم لكَمَال الْقُوَّة وَالْقُدْرَة وَنفي السّنة وَالنَّوْم المستلزم لكَمَال الْحَيَاة والقومية وَنفي الْوَلَد والصاحبة المستلزم لكَمَال الْغنى وَالْملك والربوبية وَنفي الشَّرِيك وَالْوَلِيّ وَالشَّفِيع بِدُونِ الْإِذْن المستلزم لكَمَال التَّوْحِيد والتفرّد بالكمال والإلهية وَالْملك وَنفي الظُّلم المتضمن لكَمَال الْعدْل وَنفي إِدْرَاك الْأَبْصَار لَهُ المتضمن لعظمته وَأَنه أجلّ من أَن يدْرك وَإِن رَأَتْهُ

<<  <   >  >>