للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَيف لَا يكون الْغَالِب على قَلْبك طلب كشف الضّر وَطلب النَّفْع من عِنْده وَحده اذ علمت ان ذَلِك كُله انما هُوَ بِيَدِهِ وَحده

وَكَيف تخَاف فَوت شَيْء من الْخَيْر يُريدهُ الله بك وان لم يردهُ بك فَمن يعطيك ذَلِك اَوْ ينيلك اياه

والمتوكل على الله لَا يلْتَفت الى الدُّنْيَا لانه لَا يَرَاهَا لنَفسِهِ خطرا وَلَا يَرَاهَا وَنَفسه وَجَمِيع مَا فِيهَا الا لله وَيَسْتَوِي عِنْده ركُوب الْبَحْر وَالْمَشْي فِي الْبر والانس والوحشيه وَالْعَمَل وَالْجُلُوس لَان الله تَعَالَى كَاف من توكل عَلَيْهِ اولا تسمع لقَوْله تَعَالَى {أَلَيْسَ الله بكاف عَبده ويخوفونك بالذين من دونه}

فالمتوكل على الله اكْتفى بِعِلْمِهِ بِاللَّه عَن الِاشْتِغَال بِغَيْرِهِ لانه علم ان الَّذِي يُوصل اليه الْمَنَافِع هُوَ الله وَحده لَا شريك لَهُ

وايضا اذا سكن قَلْبك الى الله لم تخف غَيره لَان الله حسب من توكل عَلَيْهِ

وَمن عَلامَة المتَوَكل انه يُؤثر الصدْق حَيْثُ يضرّهُ على الْكَذِب حَيْثُ يَنْفَعهُ لانه لم يَصح لمن توكل عَلَيْهِ ان يخَاف غَيره

وَكَذَلِكَ اذا امْر بِالْمَعْرُوفِ وَنهى عَن الْمُنكر لم يخْشَى الا الله لَان رجاؤه من الله اكثر من خَوفه من توعد المخلوقين لَان المتَوَكل على الله اخْرُج من قلبه كل مخوف ومحذور ومحزون دون الله حَتَّى اتَّصل خَوفه ورجاؤه بِاللَّه

وَاعْلَم ان المعاون انما تحضر عِنْد اخراج الْعَالم من قَلْبك فتنحاش عِنْد ذَلِك

<<  <   >  >>