للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إبراهيم وإسماعيل, وأعلن أنه يشك في وجودهما بالرغم من الإشارة إليهما في التوراة والقرآن١.

ومثل طه حسين في هذه التبعية للمستشرقين: سلامه موسى، وحسين فوزي، وزكي نجيب محمود، ومحمود عزمي، وعلى عبد الرازق, وغيرهم.

وقد لقحت مناهج المستشرقين في البحث والنقد العلميِّ قرائح كثير من تلاميذ المستشرقين؛ فنهجوا نهجهم, وأخذوا طريقهم فيما حاولوا من دراسات، وخاصةً في مجال الجامعة والثقافة والصحافة، وحملوا نفس الروح التي يحملها أساتذتهم في خصومة الإسلام، وكانوا أشد قسوةً على أهليهم من الغربيين٢.

آثار الاستشراق:

١- كان الاستشراق وراء كل شبهة أو دعوة خطيرة أحدثت تحولًا في المجتمع الإسلاميّ في العصر الحديث، فقد كان المستشرقون يلقون الشبهة أو الدعوة, ثم يتبعهم الكتاب والمفكرون الذين يكتبون باللغة العربية من أهل التبعية والتغريب والشعوبية, هذا واضح في الدعوة إلى العامية التي بدأها ولكوكس وويلمور وغيرهما, ثم تابعهما سلامة موسى, وأحمد لطفي السيد، في الدعوة إلى الإقليميات والقوميات الضيقة؛ كالفينيقية والفرعونية، بدأها فمبري وكرومر, وتابعهما طه حيسن ولطفي السيد وغيرهما.

٢- يعمل المستشرقون على إخضاع النصوص للفكرة التي يفرضونها حسب أهوائهم، والتحكم فيما يرفضونه أو يقبلونه من النصوص، وكثيرًا ما يحرفون النَّصَّ تحريفًا مقصودًا، ويقعون في سوء الفهم -وعن عمدٍ أحيانًا- في معنى النَّصِّ, حين لا يجدون مجالًا للتحريف.

٣- يتحكم المستشرقون في المصادر التي يختارونها، فهم ينقلون من كتب الأدب ما يحكمون به في تاريخ الحديث النبويّ, ومن كتب


١ الإسلام في وجه التغريب ص٣٦٣، وقد كان هذا الإنكار, وأمور أخرى سببًا في طرد طه حسين من الجامعة المصرية, ومصادرة كتابه "في الشعر الجاهلي" ولكن نفوذ الاحتلال الإنجليزي, سرعان ما أعاده إلى الجامعة, ومضى به صعدًا لأعلى المناصب.
٢ المرجع السابق ص٣٦٣.

<<  <   >  >>