ويتحقق في الإنسان المسلم التوازنُ المفقودُ عند غيره؛ فلا الجسد ولا حاجاته يطغى, فينقلب الإنسان إلى حيوان تسيره غرائزه, ولا العقل ومنطلقاته يطغى؛ فينقلب الإنسان إلى خيالٍ بعيد عن الواقع والحياة, ولا القلب وأشواقه يطغى؛ فينقلب الإنسان إلى راهبٍ ينقطع عن الدنيا وما فيها, وإنما كل يسير بقدر, كما أن كلًّا خلق بقدر.
كلٌّ يسير في فلكه المرسوم, كما تسير الكواكب في فلكها المرسوم.
أما القدر الذي يسير قوى الإنسان, وأما الفلك المرسوم الذي يسير فيه, فهو هذه الشريعة التي أنزلها الله له,
وفيها هذا النظام الرائع المحبوك الذي لا يقل روعةً عن نظام هذا الكون المتناسق الغريب..
وحين تختل القوى أو تطغى؛ ففي توجيهات هذه الشريعة وأوامرها ونواهيها, ما يرد الأمر إلى توازنه؛ ليعود كلٌّ يسير بقدر, وليعود كلٌّ إلى فلكه المرسوم بغير طغيان ولا خسران, بغير إفراط ولاتفريط..