ومن هنا كان الخطأ الرئيسيّ في النظام الشيوعيّ النظريّ الذي لم يستطع حتى الآن أن يطبق نظريته تطبيقًا عمليًّا كاملًا، وإن انتحل التعلات والمعاذير!
لكن إطلاق العنان لهذه الغريزة شأن إطلاق العنان لأية غريزة أخرى, يهلك الإنسان ويحطمه، كما يهلك النظم كله ويحطمها, ومن هنا كان خطر الرأسمالية الطاغية التي تطلق العنان للملكية, حتى تغدو لونًا من الإقطاع يسلب الناس ويستبعدهم, ويأكل أو يشرب ثمرات جهودهم، وقطرات جبينهم, بل ويمتد إلى قطرات دمائهم١, ومن ثَمَّ كان خطأ الرأسمالية أو المذهب الفرديّ..
وبين هذا وذاك, كان نظام الإسلام قوامًا، وكان كذلك قوَّامًا, والأمر أوسع من أن نعرض له في هذه العجالة.
إن الملكية في الإسلام معترف بها؛ لأن ذلك يؤدي قدرًا كبيرًا من إنجاح النظام الاقتصاديّ, فإن سُلِبَ العامل ثمرات جهوده بحرمانه من التملك, يجعله والخامل سواء, ومن ثَمَّ يركن النشاط الاقتصاديّ إلى الركود, ويضعف الإنتاج, ويتهدد البلد البطالة والمجاعة, ومن بعدها الانهيار والهلاك!
وروسيا الاشتراكية مثل قريب, فإن إنتاج روسيا لم يزد طوال خمسين عامًا من الحكم الشيوعيّ القائم على إضعاف الملكية الفردية, والمنادى بإلغائها, لم يزد عما كان عليه في العهد القيصريّ أكثر من ٤%, فقد كان إنتاجها في العهد القيصريّ ٤٦% من الإنتاج الأمريكيّ، وصار إنتاجها في العهد الشيوعيّ, وبعد خمسين عامًا من حكمه ٥٠% من الإنتاج الأمريكيّ.
فهل تستحق الـ٤% الزيادة, كل هذا الفناء والإفناء الذي أحدثه الحكم الشيوعيّ الغاشم؟!
وبلوغ الإنتاج الروسيّ مثل الإنتاج الأمريكي, حلم قصرت دون
١ مقومات الاقتصاد الإسلاميّ, للأستاذ عبد السميع المصريّ, مكتبة وهبة, ربيع الثاني ١٣٩٥, مايو ١٩٧٥.