للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله.


مستعينين بالله، ويحتمل أنه أراد أن يفتتح الغزو باسم الله. والأول أظهر، والثاني أيضا محتمل، لأن بعث الجيوش من الأمور ذات البال، وكل أمر لا يبدأ فيه باسم الله; فهو أبتر.
قوله: "في سبيل الله": متعلق ب "اغزوا"، وهو تنبيه من الرسول صلى الله عليه وسلم على حسن النية والقصد; لأن الغزاة لهم أغراض، ولكن الغزو النافع الذي تحصل به إحدى الحسنيين ما كان خالصا لله، وذلك بأن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا لا لحمية أو شجاعة أو ليرى مكانه أو لطلب دنيا. فإن قاتل لأجل الوطن: فمن قاتل لأنه وطن إسلامي تجب حمايته وحماية المسلمين فيه; فهذه نية إسلامية صحيحة، وإن كان للقومية أو الوطنية فقط; فهو حمية وليس في سبيل الله.
وقوله: "في سبيل الله": تشمل النية والعمل; فالنية سبقت. والعمل: أن يكون الغزو في إطار دينه وشريعته، فيكون حسبما رسمه الشارع.
قوله: " قاتلوا من كفر بالله ": "قاتلوا": فعل أمر وهو للوجوب، أي: يجب علينا أن نقاتل من كفر بالله، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} ١ وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} ٢ فإذا قاتلنا الذين يلوننا، فأسلموا، نقاتل من وراءهم، وهكذا إلى أن نخلص إلى مشارق الأرض ومغاربها.
و"من": اسم موصول، وصلته "كفر"، واسم الموصول وصلته يفيد العلية; أي: لكفره، فنحن لا نقاتل الناس عصبية أو قومية أو وطنية، نقاتلهم لكفرهم لمصلحتهم وهي إنقاذهم من النار. والكفر مداره على أمرين الجحود، والاستكبار.

<<  <  ج: ص:  >  >>