قوله: "اغزوا": تأكيد، وأتى بها ثانوية كأنه يقول: لا تحقروا الغزو واغزوا بجد. قوله: "ولا تغلوا": الغلول: أن يكتم شيئا من الغنيمة فيختص به، وهو من كبائر الذنوب، قال تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ١ أي: معذبا به; فهو يعذب بما غل يوم القيامة ويعزر في الدنيا، قال أهل العلم: يعزر الغال بإحراق رحله كله، إلا المصحف لحرمته، والسلاح لفائدته، وما فيه روح; لأنه لا يجوز تعذيبه بالنار. قوله: "ولا تغدروا": الغدر: الخيانة، وهذا هو الشاهد من الحديث، وهذا إذا عاهدنا; فإنه يحرم الغدر، أما الغدر بلا عهد; فلنا ذلك لأن الحرب خدعة، وقد ذكر أن "علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج إليه رجل من المشركين ليبارزه، فلما أقبل الرجل على علي صاح به علي: ما خرجت لأبارز رجلين. فالتفت المشرك يظن أنه جاء أحد من أصحابه ليساعده، فقتله علي رضي الله عنه". وليعلم أن لنا مع المشركين ثلاث حالات: الحال الأولى: أن لا يكون بيننا وبينهم عهد; فيجب قتالهم بعد دعوتهم إلى الإسلام وإبائهم عنه وعن بذل الجزية، بشرط قدرتنا على ذلك. الحال الثانية: أن يكون بيننا وبينهم عهد محفوظ يستقيمون فيه; فهنا يجب الوفاء لهم بعهدهم; لقوله تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} ٢ وقوله: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} ٣.