للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه. ثم قال: " ويحك!.....


قوله: "فما زال": إذا دخلت "ما" على زال الذي مضارعها يزال; صار النفي إثباتا مفيدا للاستمرار; كقوله تعالى: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ} ١ الآية، وكقوله تعالى في المضارع: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} ٢. وجملة "يسبح": خبر زال.
قوله: " حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه ": أي: عرف أثره في وجوه أصحابه، وأنهم تأثروا بذلك; لأنهم عرفوا أنه صلى الله عليه وسلم لا يسبح في مثل هذا الموضع ولا يكرره إلا لأمر عظيم، ووجه التسبيح هنا أن الرجل ذكر جملة فيها شيء من التنقص لله تعالى; فسبح النبي صلى الله عليه وسلم ربه تنزيها له عما توهمه هذه الكلمة، ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه في السفر إذا هبطوا واديا سبحوا; تنزيها لله تعالى عن السفول الذي كان من صفاتهم، وإذا علوا نشزا كبروا; تعظيما لله عز وجل٣ وأن الله تعالى هو الذي له الكبرياء في السماوات والأرض.
قوله: "ويحك": ويح: منصوب بعامل محذوف، تقديره: ألزمك الله ويحك. وتارة تضاف; فيقال: ويحك، وتارة تقطع عن الإضافة; فيقال: ويحا لك، وتارة ترفع على أنها مبتدأ; فيقال: ويحه أو ويح له. وهي وويل وويس كلها متقاربة في المعنى. ولكن بعض علماء اللغة قال: إن ويح كلمة ترحم، وويل كلمة وعيد. فمعنى ويحك: إني أترحم لك وأحن عليك. ومنهم من قال: كل هذه الكلمات تدل على

<<  <  ج: ص:  >  >>