للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

............................................................


عنه استسقى بالعباس، فقال: "اللهم! إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا". وتوسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم كان بطلبهم الدعاء منه، ولهذا جاء في بعض الروايات: أن عمر كان يأمر العباس فيقوم فيدعو.
وبهذا نعرف أن القصة المروية عن الرجل العتبي الذي كان جالسا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي، فقال: السلام عليكم يا رسول الله! سمعت الله يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً} ١، وإني قد جئت مستغفرا لذنبي مستشفعا بك إلى ربي، ثم أنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم انصرف، قال العتبي: فغلبتني عيني، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال: يا عتبي! بشر الأعرابي أن الله قد غفر له.
فهذه الرواية باطلة لا صحة لها; لأن صاحبها مجهول، وكذلك من رواها عنه مجهولون، ولا يمكن أن تصح; لأن الآية: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا} ولم يقل: إذا ظلموا، و"إذ" لما مضى بخلاف "إذا"، والصحابة رضي الله عنهم لما لحقهم الجدب في زمن عمر لم يستسقوا بالرسول صلى الله عليه وسلم وإنما استسقوا بالعباس بن عبد المطلب بدعائه وهو حاضر فيهم٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>