الأول: محاولة الجمع بين النص والواقع إن أمكن الجمع بينهما بأي طريق من طرق الجمع. الثاني: إن لم يمكن الجمع تبين ضعف الحديث; لأنه لا يمكن للأحاديث الصحيحة أن تخالف شيئا حسيا واقعا أبدا، كما قال شيخ الإسلام في كتابه "العقل والنقل": "لا يمكن للدليلين القطعيين أن يتعارضا أبدا; لأن تعارضهما يقتضي إما رفع النقيضين أو جمع النقيضين، وهذا مستحيل، فإن ظن التعارض بينهما، فإما أن لا يكون تعارض ويكون الخطأ من الفهم، وإما أن يكون أحدهما ظنيا والآخر قطعيا". فإذا جاء الأمر الواقع الذي لا إشكال فيه مخالفا لظاهر شيء من الكتاب أو السنة، فإن ظاهر الكتاب يئول حتى يكون مطابقا للواقع، مثال ذلك قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً} ١ وقال تعالى: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً} ٢ أي: في السماوات. والآية الثانية أشد إشكالا من الآية الأولى; لأن الآية الأولى يمكن أن نقول: المراد بالسماء العلو، ولكن الآية الثانية هي المشكلة جدا،